يقف على معانيها. ثم إنه جلس ذات يومٍ في محفلٍ من أهل العلم والأدب، فأخذ في محاورتهم؛ فجرت له كلمةٌ أخطأ فيها؛ فقال له بعض الجماعة: إنك قد أخطأت؛ والوجه غير ما تكلمت به، فقال وكيف أخطئ وقد قرأت الصحيفة الصفراء؛ وهي في منزلي؟ فكانت مقالته لهم أوجب للحجة عليه وزاده ذلك قرباٌ من الجهل وبعداً من الأدب.
ثم إن العاقل إذا فهم هذا الكتاب وبلغ نهاية علمه فيه، ينبغي له أن يعمل بنا علم منه لينتفع به؛ ويجعله مثالاً لا يحيد عنه. فإذا لم يفعل ذلك، كان مثله كالرجل الذي زعموا أن سارقاً تسور عليه وهو نائم في منزله، فعلم به فقال: والله لأسكتن حتى أنظر ماذا يصنع، ولا أذعره؛ ولا أعلمه أني قد علمت به. فإذا بلغ مراده قمت إليه، فنغصت ذلك عليه. ثم إنه أمسك عنه. وجعل السارق يتردد، وطال تردده في جمعه ما يجده؛ فغلب الرجل النعاس فنام، وفرغ اللص مما أراد، وأمكنه الذهاب. واستيقظ الرجل، فوجد