للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣١-[٢٤٠] كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ الْعَبْقَسِيُّ مِنْ مَكَّةَ يخبر أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يزيد المقرئ حدثهم ثنا أبو يونس المديني المعروف بالمكي الجمحي ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي أبو أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة بنت أبي بكر زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو أويس: وحدثني أيضا عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري ثم النجاري عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ثم النجارية عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال أبو أويس قال هشام: قال عروة قالت عائشة وقال لي عبد الله بن أبي بكر قالت عمرة قالت عائشة كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أراد سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن ⦗١١٧٨⦘ خرج سهمها خرج بها معه قال عروة وعمرة: فخرج سهم عائشة بنت أبي بكر زوج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق من خزاعة فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فكان قريبا من المدينة قال عروة وعمرة: وكانت عائشة جويرية حديثة السن قليلة اللحم خفيفة وكانت تلزم خدرها فإذا أراد الناس الرحيل ذهبت فتوضأت ورجعت فدخلت محفتها فتوضع على البعير وهي في المحفة فكان أول ما قال فيها المنافقون وغيرهم ممن اشتركوا في أمر عائشة أنها خرجت تتوضأ حين دنوا من المدينة فانسل من عنقها عقد لها من جزع ظفار فارتحل النبي صلى الله عليه وسلم والناس وهي في بغاء العقد ولم تعلم برحيلهم فشدوا على بعيرها المحفة وهم يرون أنها فيها كما كانت تكون فرجعت عائشة إلى منزلها فلم تجد في العسكر أحدا وغلبتها عيناها قال عروة وعمرة: قالت عائشة: وكان صفوان بن المعطل السلمي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم تخلف تلك الليلة عن العسكر حتى أصبح قالت: فمر بي فرآني فاسترجع وأعظم مكاني حين رآني وحدي وقد كنت أعرفه ويعرفني قبل أن يضرب علينا الحجاب قالت: فسألني عن أمري فسترت وجهي عنه بجلبابي وأخبرته بأمري فقرب لي بعيره ووطئ على ذراعه وولاني قفاه حتى ركبت وسويت ثيابي ثم بعثه فاقبل يسير بي حتى دخلنا المدينة نصف النهار أو نحوه فهنالك قال في وفيه من قال من أهل الإفك وأنا لا أعلم شيئا من ذلك ولا مما يخوض فيه الناس من أمري فكنت تلك ⦗١١٧٩⦘ الليالي شاكية فكان أول ما أنكرت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعودني قبل ذلك إذا مرضت فكان تلك الليالي لا يدخل علي ولا يعودني إلا أنه يقول وهو مار: كيف تيكم؟ فيسأل عني بعض أهل البيت فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر فيه الناس من أمري غمه ذلك، قالت: وكنت شكوت إلى أمي قبل ذلك ما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم من الجفوة فقالت لي يا بنية اصبري فوالله لقل ما كانت امرأة حسناء يحبها زوجها لها ضرائر إلا رمينها قالت: فوجدت تلك الليلة التي بعث النبي صلى الله عليه وسلم من صبحها إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما في أمري وكنا ذلك الزمان ليس لنا كنف نذهب فيها إنما كنا نذهب كما يذهب العرب ليلا إلى ليل فقلت لأم مسطح بن أثاثة وهي امرأة من بني المطلب بن عبد مناف خذي الإداوة فاملئيها ماءا فاذهبي بنا إلى المناصع وكانت هي وابنها مسطح بينهم وبين أبي بكر قرابة وكان أبو بكر ينفق عليهم وكانوا يكونون معه ومع أهله فأخذت الإداوة وخرجنا نحو المناصع وإني لما شق علي من الغائط فعثرت أم مسطح فقالت: تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت ثم مشينا فعثرت أيضا فقالت: تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت لصاحب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب بدر فقالت إنك لغافلة عما فيه الناس من أمرك فقلت أجل فما ذاك؟ قالت: إن مسطح وفلان وفلانة وغيرهم ممن استزلهم من المنافقين مجتمعين في بيت عبد الله بن أبي سلول أخي بني الحارث بن الخزرج الأنصاري يتحدثون عنك وعن صفوان بن المعطل ويرمونك به قالت: فذهب عني ما كنت أجد من الغائط ورجعت عودي على بدءي إلى بيتي فلما أصبحنا من تلك الليلة بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وإلى ⦗١١٨٠⦘ أسامة بن زيد فاخبرهما بما قيل في واستشارهما في أمري فقال له أسامة: والله يا رسول الله ما علمنا على أهلك سوءا وقال له علي: يا رسول الله ما أكثر النساء وإن أردت أن تعلم الخبر فتواعد الخادم واضربها تخبرك يعني بريرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي فشأنك أنت بالخادم فسألها علي عني وتواعدها فلم تخبره والحمد لله إلا بخير ثم ضربها وسألها عني فقالت: والله ما علمت على عائشة سوءا إلا أنها جارية تصبح عن عجين أهلها فتدخل الشاة الداجن أو الدجاج فيأكلون من العجين قالت: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حين سمع ما قالت في بريرة لعلي فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس فلما اجتمعوا إليه قال: يا معشر المسلمين من لي من رجال يؤذوني في أهلي وما علمت على أهلي سوءا ويرمون رجلا من أصحابي ما علمت عليه سوءا ولا خرجت مخرجا إلا خرج معي فقال سعد بن معاذ الأنصاري ثم الأشهلي من الأوس: يا رسول الله لو كان ذلك في أحد من الأوس كفيناكه فقام سعد بن عبادة الأنصاري ثم الخزرجي فقال لسعد بن معاذ كذبت والله وهذا الباطل فقام أسيد بن الحضير الأنصاري ثم الأشهلي ورجال من الفريقين جميعا فاستبوا وتنازعوا حتى كاد أن يعظم الأمر بينهم فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته وبعث إلى أبوي فأتياه فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال لي يا عائشة إنما أنت من بني آدم فإن كنت أخطأت فتوبي إلى الله واستغفريه فقلت لأبي أجب عني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إني لا أفعل، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي يأتيه فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لي كما قال لي أبي فقلت: والله لئن أقررت على نفسي بباطل لتصدقني ولئن برأت نفسي والله يعلم أني لبريئة لتكذبني فما أجد لي ولكم إلا ما قال أبو يوسف حين يقول ⦗١١٨١⦘ {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ونسيت اسم يعقوب لما بي من الحزن والبكاء واحتراق الجوف فتغشى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كان يغشاه من الوحي ثم سري عنه فمسح وجهه بيديه ثم قال أبشري يا عائشة قد أنزل الله براءتك فقالت عائشة فوالله ما كنت أظن أن ينزل القرآن في أمري ولكني كنت أرجو لما يعلم الله من براءتي أن يري الله النبي صلى الله عليه وسلم في أمري رؤيا يبرئني الله بها عند نبيه صلى الله عليه وسلم فقال لي أبواي عند ذلك قومي فقبلي رأس رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ والله لا أفعل بحمد الله كان ذلك لا بحمدكم فقالت: وكان أبو بكر رضي الله عنه ينفق على مسطح وأمه فلما رماني حلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفعه بشيء أبدا قالت: فلما تلا النبي صلى الله عليه وسلم علينا قول الله تعالى {وليعفو وليصفحوا ألا تحبون أن يعفر الله لكم} فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: بلى يا رب وعاد النفقة على مسطح وأمه قالت: وقعد صفوان بن المعطل لحسان بن ثابت بالسيف فضربه ضربة وقال صفوان لحسان في الشعر حين ضربه:

تلق ذباب السيف عنك فإنني ... غلام إذا هوجيت لست بشاعر

ولكنني أحمي حماتي وأنتقم ... من الباهت الرامي البراء الطواهر

وصاح حسان واستغاث الناس على صفوان فلما جاء الناس وصفوان وجاء حسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستعداه على صفوان في ضربته إياه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يهب له ضربه صفوان إياه فوهبها للنبي صلى الله عليه وسلم فعاضه منها حائطا من نخل عظيم وجارية رومية يقال أو قبطية تدعى سيرين فولد لحسان ابنه عبد الرحمن الشاعر.

⦗١١٨٢⦘ فقال أبو أويس: أخبرني ذلك حسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قالت عائشة: ثم باع حسان ذلك الحائط من معاوية بن أبي سفيان في ولايته بمال عظيم قالت عائشة فبلغني والله أعلم أن الذي قال الله عز وجل فيه {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} إنه عبد الله بن أبي بن سلول أحد بني الحارث بن الخزرج قالت عائشة: فقيل في أصحاب الإفك أشعار فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

ياعوف ويحك هلا قلت عارفة ... من الكلام ولم تبتغ به طمعا

هلا جزيت من الأقوام إذ حشدوا ... ولم تقول وإن عاديتهم قذعا

لما رميت حصانا غير مقرفة ... أمينة الجيب لم يعلم لها خضعا

فيمن رماها وكنتم معشرا أفكا ... في سيء القول من لفظ الخنا شرعا

فأنزل الله عذرا في براءتها ... وبين عوف وبين الله ما صنعا

فإن أعش أجز عوفا في مقالته ... شر الجزاء بما ألفيته تبعا

وقالت أم سعد بن معاذ الأشهلي ثم الأوسي في الذين رموا عائشة:

تشهد الأوس كهلها وفتاها ... والخماسي من نسلها والعظيم

ونساء الخزرجيين يشهدن ... بحق فذلكم معلوم

أن ابنت الصديق كانت حصانا ... عفة الجيب دينها مستقيم

تتقي الله في المغيب عليها ... نعمة الله سترها ما يريم

خير هذي النساء حالا ونفسا ... وأبا للعلا نماها كريم

⦗١١٨٣⦘ للموالي الأولى رموها بإفك ... أخذتهم مقامع وجحيم

ليت من كان قد بغاها بسوء ... في حطام حتى يتوب اللئيم

وعوان من الحروب تلظى ... بيننا فوقها عذاب صريم

ليت سعدا ومن رماها بسوء ... في كظاظا حتى يتوب الظلوم

وقال حسان بن ثابت الأنصاري ثم النجاري وهو يبرئ عائشة مما قيل فيها ويعتذر إليها فقال في الشعر لها:

حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

حليلة خير الناس دينا ومنصبا ... نبي الهدى والمكرمات الفواضل

عقيلة حي من لؤي بن غالب ... كرام المساعي مجدها غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها ... وطهرها من كل سوء وباطل

فإن كان ما قد جاء عني قلته ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي

وإن الذي قد قيل ليس بلائط ... بك الدهر بل قول امرئ غير ماجل

وكيف وودي ما حييت ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل

له رتب عال على الناس فضلها ... تقاصر عنها سورة المتطاول

قال أبو أويس: فأخبرني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالذين رموا عائشة فجلدوا الحد جميعا ثمانين وقال حسان في الشعر لهم حين جلدوا:

لقد ذاق عبد الله ما كان أهله ... وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح

تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم ... وسخطة ذي العرش الكريم فأبحروا

قال لنا أبو علي يحيى بن يعقوب: الصواب: وقبحوا.

وآذوا رسول الله فيها فعمموا ... مخازي ذل جللوها وفضحوا

وصب عليهم محصدات كأنها ... شآبيب قطر من ذرى المزن تدلج

⦗١١٨٤⦘ قال أبو علي: الشآبيب جمع شؤبوب وهي الحلبة من الوابل الشديدة ومحصدات السياط المفتولة.

قال أبو أويس: وحدثني الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن عبد الله بن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم الأنصاري ثم النجاري أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد عبد الله بن أبي بن سلول ومسطح وحمنة الحدود ثمانين ثمانين في رميهم عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال أبو أويس قال الحسن بن زيد قال عبد الله بن أبي بكر بلغني أن الذي قال الله تعالى فيه في القرآن {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} إنه عبد الله بن أبي بن سلول.

قال أبو أويس وحدثني يزيد بن بكر الكناني ثم الليثي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أو عن سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي أن الذي أنزل الله فيه {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} إنه عبد الله بن أبي بن سلول.

هذا حديث غريب حسن مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن أبي أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المديني حليف عثمان بن عبد الله التيمي القرشي.

وهو صحيح عن أَبِي الْمُنْذِرِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيِّ الْأَسَدِيِّ عَنْ أم المؤمنين عائشة ما نعرفه بهذا الطول مع الأشعار وهذه الزيادات إلا من هذا الوجه

وحديث عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت ⦗١١٨٥⦘ عبد الرحمن الأنصارية عن عائشة غريب عزيز لا نعرفه إلا من حديث أبي أويس عنه.

والحديث أصله صحيح قد خرج في الصحيح من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة ولم يخرجوه من حديث أبي أويس وأبو أويس صحيح الحديث.

وقد رواه الزهري عن عروة وعبيد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي كلهم عن عائشة.

وهو صحيح مشهور عن الزهري رواه يونس بن يزيد وفليح بن سليمان وإبراهيم بن سعد وجماعة عن الزهري والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>