"رواه البخاري" هنا وقبله في الجهاد والصوم، ومسلم، والنسائي، في الصوم عن ابن عباس، قال الحافظ أبو الحسن القابسي: وهو من مرسلات الصحابة؛ لأن ابن عباس كان في هذه السفرة مقيما مع أبويه بمكة، فلم يشاهد هذه القصة، فكأنه سمعها من الصحابة. "وفي" رواية "أخرى له" للبخاري، هنا وفي الصوم من طريق آخر عن ابن عباس: فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون, حتى بلغ الكديد وهو ماء بين عسفان وقديد "أفطر وأفطروا" كلهم بعد حثه لهم على الفطر. ففي حديث جابر عند مسلم، والترمذي: أنه لما أفطر قيل له بعد ذلك: إن بعض الناس صام. فقال: "أولئك العصاة". وعبر بذلك مبالغة في حثهم على الفطر رفقا بهم. وقد روى الشيخان: أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر. وعينه الترمذي، فقال: في غزوة الفتح رأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال: "ما هذا"؟. فقالوا: صائم، فقال: "لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ". وروايته على لغة حمير في مسند أحمد لا في الصحيح، وإلا ففطره لا يوجب فطرهم فقد يكون احتمل عندهم، اختصاصه بمن شق عليه الصوم جدا والذين صاموا لم يكونوا كذلك. وروى مسلم عن أبي سعيد. قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن صيام، فقال: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: "إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا". فكانت عزيمة فأفطرنا فهذا ظاهر في فطر الجميع بعد أمره، فإن كان هذا السفر سفر الفتح كما هو ظاهر سوقهم الحديث هنا فلعل هاتين المقالتين كانتا بعد فطر المصطفى، والغرض بهما حث من صام على الفطر بصريح الأمر هذا ولا يعارض ما في "الحديث" أنه أفطر بالكديد.