للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدم وذريته، وهو قول الجمهور من المفسرين.

وإنما أقسم تعالى بهم؛ لأنهم أعجب خلق الله على وجه الأرض لما فيهم من البيان والنظر واستخراج العلوم، وفيهم الأنبياء والدعاة إلى الله تعالى والأنصار لدينه، وكل ما في الأرض من مخلوق خلق لأجلهم، وعلى هذا فقد تضمن القسم أصل المكان وأصل السكان، فمرجع البلاد إلى مكة، ومرجع العباد إلى آدم.


شرف حسبه.
"وقيل: المراد به" أي: بوالد "آدم و" بما ولد: "ذريته، وهو قول الجمهور من المفسرين" فما ولد عام شامل لجميع أولاده، لا يختص بمفرد منهم فالقسم على هذا بنوع الإنسان، "وإنما أقسم تعالى بهم" وإن كان فيهم فسقة وكفار للتعليل المذكور بقوله؛ "لأنهم أعجب خلق الله على وجه الأرض" إذ خلقهم في أحسن تقويم، "لما فيهم من البيان" النطق المبين عن المقاصد "والنظر" الاستدلال، "واستخراج العلوم، وفيهم الأنبياء" أريد بهم ما يشمل المرسلين "والدعاة" جمع داع، كالعلماء والأولياء والصلحاء، فالكل يدعون "إلى الله تعالى والأنصار لدينه" بالسيف والحجة، "وكل ما في الأرض من مخلوق خلق لأجلهم" كما قال تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] .
"وعلى هذا، فقد تضمن القسم أصل المكان وأصل السكان" آدم، خصه لشرفه وكونه أصلهم، "فمرجع البلاد إلى مكة"؛ لأنها أمها "ومرجع العباد إلى آدم"؛ لأنه أصلهم، ولو قال: ومرجع غير بني آدم إليهم، وفسر أصل السكان بآدم وذريته، كان أوفق بتفسير الولد والوالد؛ بأنهم آدم وذريته، ثم ظاهر هذا التفسير: ولو كان فيهم فسقة وكفار، من حيث تعليله بما ذكر ولا ضير فيه.
وفي الخازن: أقسم بآدم، وبالأنبياء والصالحين من ذريته؛ لأن الكافر وإن كان من ذريته، فلا حرمة له حتى يقسم به. انتهى.
وفيه نظر؛ لأن الإقسام لم يلاحظ فيه الحرمة فقط، بل كونه أعجب الخلق على الأرض، كيف وقد قال ابن عباس: الوالد والولد هنا على العموم، فهي أسماء جنس، يدخل فيها جميع الحيوا.
وقال ابن عباس وابن جبير وعكرمة: والد معناه كل من ولد وانسل، وما ولد لم يبق منه إلا العاقر، الذي لم يلد البتة.
وقيل: المراد نوح وجميع ولده، وقيل: إبراهيم وجميع ولده، حكى ذلك ابن عطية وغيره، وقيل: الوالد محمد صلى الله عليه وسلم، الحديث: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد والولد، أمته أو ذريته"، "وقوله" تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>