للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تسمع، ثم ائتني فأخبرني، فلما خلا ناداه يا محمد فثبت فقال: قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ١، ٢] إلى آخرها. ثم قال: قل لا إله إلا الله ... الحديث.

واحتج بذلك من قال بأولية نزول الفاتحة.

والصحيح أن أول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن {اقْرَأْ} كما صح ذلك عن عائشة، وروي عن أبي موسى الأشعري وعبيد بن عمير.

قال النووي: وهو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف.

وأما ما روي عن جابر وغيره: أن أول ما نزل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فقال النووي: ضعيف، بل باطل، وإنما نزلت بعد فترة الوحي.


حتى تسمع" ما بعد يا محمد، "ثم ائتني فأخبرني، فلما خلا ناداه" على عادته التي كان يفعلها معه، "يا محمد، فثبت فقال: قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ١، ٢] إلى آخرها" أي: الفاتحة، "ثم قال: قل: لا إله إلا الله ... الحديث" وغرضه من سياقه أنه معارض بحديث الصحيح في أن أول ما نزل اقرأ، كما أرشد إلى ذلك قوله الآتي، فقال البيهقي: هذا منقطع ... إلخ، وكذا قوله: "واحتج بذلك من قال بأولية نزول الفاتحة" أولية مطلقة، "والصحيح أن أول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن" أول سورة {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥] ، "كما صح ذلك عن عائشة" مرفوعًا.
"وروي عن أبي موسى الأشعري وعبيد بن عمير" بن قتادة بن سعد، أبي عاصم الليثي المكي قاضيها الثقة الحافظ أحد كبار التابعين، "قال النووي: وهو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف، وأما ما روي عن جابر وغيره أن أول ما نزل" مطلقًا أول سورة {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] ، إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥] ، "فقال النووي: ضعيف بل باطل" بطلانًا ظاهرًا ولا تغير بجلالة من نقل عنه فإن المخالفين له هم الجماهير ثم ليس إبطالنا قوله تقليد للجماهير بل تمسكًا بالدلائل الظاهرة، ومن أصرحها حديث عائشة. "وإنما نزلت" {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] ، "بعد فترة الوحي" بعد نزول {اقْرَأْ} [العلق: ١] ؛ كما صرح به في مواضع من حديث جابر نفسه؛ كقوله وهو يحدث عن فترة الوحي إلى أن قال: فأنزل الله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:١] ، وقوله: "فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسيه بين السماء والأرض". وقوله: "فحمى الوحي وتتابع"، أي: بعد فتراته، انتهى كلام النووي كله في شرحه للبخاري، وهو قطعة من أوله فلا حجة في حديث جابر على الأولية المطلقة، وإن استدل

<<  <  ج: ص:  >  >>