١٧- قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْعَلاءِ بْنِ هِلالٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: الشَّمْسُ تَطْلُعُ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَتَغْرُبُ مِنْ حَيْثُ يَغْرُبُ الْفَجْرُ وَإِذا أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُعَ غَابَتْ حَتَّى تَغْرُبَ بِالْعَمَلِ، وَتَقُولُ: يَا رَبِّ إِذَا طَلَعْتُ عُبِدْتُ مِنْ دُونِكَ فَتَطْلُعُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَشْرِقِ فَتَجْرِي إِلَى الْمَغْرِبِ وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا يَوْمٌ تَغْرُبُ فِيهِ فَيُصْعَدُ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى تُوقَفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَتُسَلِّمُ فَلا يَرُدُّ عَلَيْهَا سَلامًا فَتَسْجُدُ فَلا يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَسْتَأْذِنُ فَلا يُؤْذَنُ لَهَا فَيُعْلَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَيَقُولُ: ⦗١٠٩⦘ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا لا ضُوءَ لَكُمَا وَلا نُورَ بَعْدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَيَبْكِيَانِ مِنْ خَوْفِ رَبِّهِمَا وَمِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْغَافِلُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ إِذْ بِمُنَادٍ يُنَادِي: أَلا إِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ قَدْ غُلِقَ وَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ طَلَعَا مِنْ مَغْرِبِهِمَا، فَيَنْظُرُ النَّاسُ فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَسْوَدَانِ كَالْعِكْمَيْنِ لا ضوء لهما فلذلك قَوْلُهُ تَعَالَى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الإِنْسَانُ يومئذ أين المفر} فَيَرْتَفِعَانِ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ الْمَقْرُونَيْنِ يَتَنَازَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ اسْتِبَاقًا وَيَتَصَايَحُ أَهْلُ الدُّنْيَا وَتَذْهَلُ الأُمَّهَاتُ عَنْ أَوْلادِهَا وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، فَأَمَّا الصَّالِحُونَ الأَبْرَارُ فَإِنَّهُمْ يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ وَأَمَّا الْفَاسِقُونَ الْفُجَّارُ فَلا يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ وَتُكْتَبُ لَهُمْ حَسْرَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَبِدَ السَّماء أَيْ وَسَطَهَا جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا فَيَرُدُّهُمَا ⦗١١٠⦘ إِلَى الْمَغْرِبِ فَيَقْرِنُهُمَا فِي بَابِ التَّوْبَةِ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَمَا بَابُ التَّوْبَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَا عُمَرُ خَلَقَ اللَّهُ بَابًا لِلتَّوْبَةِ وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ لَهُ مِصْرَاعَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلانِ بِالدُّرِّ وَالْجَوْهَرِ ما بين المصرع والمصرع أربعون عاما للر اكب الْمُسْرِعِ، وَذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحٌ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَى صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَتُوبُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلا وَلَجَتْ تِلْكَ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ.
فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا رَسُولَ الله سول وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ قَالَ أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لا يَعُودَ قَالَ فَقَرَنَهُمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي ⦗١١١⦘ ذَلِكَ الْبَابِ ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ فَيَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا وَيَصِيرَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا صَدْعٌ قَطُّ وَلا خَلَلٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى , فَإِذَا غُلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ يُحْدِثُهَا وَلَمْ تَنْفَعْهُ حَسَنَةٌ يعملها إلا من كان قَدَّمَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا لِقَوْلِهِ عزَّ وجلَّ {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خيرا} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute