للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلية، وكتبنا إليه كتاباً مستطاباً، متضمناً للنصيحة والموعظة، فأمرنا فيه أن يتوب من جرائمه وجرائره، ويستعفر لصغائره وكبائره، وبغير ما تعود في الأيام الماضية، والأعوام الخالية، من سوء الاعتقاد، وتعذيب العباد، والفعل اللئيم، والخلق الذميم، فقلنا: " لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذابٌ أليم " وأوضحنا المعالي المنيفة باللفظ الوجيز، فما وفق لذلك، والتوفيق عزيز ".

" فسرت مستعيناً بالله إلى دياره وبلاده، مصمم العزيمة على قتاله وجلاده، فمادت الأرض بحركتنا، وغامت السماء من غبرتنا، واضطربت السهول والوعوث والدغوث، وانبعثت الهمم وهجم البعوث، والعسكر في كل يوم يعدون ويغتدون، وفيما يجدون الطريق إليه من النكاية في العدو يمدون ويجيدون ".

" فلما بلغ السير إلى بلدة سيواس، صانها الله من الاندراس، عرضنا عساكرنا المنصورة، وكان عرضها مذكراً ليوم العرض، ومن شاهدها تلا: " ولله جنود السموات والأرض "، فرأينا أن الأرض شاكية من إجحاف الجحافل، فانتخبنا منها الأنجاد، وجددنا الجدود، واستجدنا الجياد، وأعدنا ما وراء البحر بقية الأجناد ".

" ثم ارتحلنا منها في جنود محسورة وبنود منشورة، للعدو طالبا، وبالعزم غالباً، وللنصر صاحبا، ولذيل العز ساحبا، فنزلنا على بلدة أزرنجان فطار الخبر إليه، فطار قلوب من معه رعباً وطاشت، وخضعت أفئدتهم خوفاً من جيش الإسلام وجاشت ".

" وأرسلنا إليه منها كتاباً آخر، داعياً للطعن والضرب، مستدعياً منه المقارعة والحرب، ومن موضع آخر كتاباً رصيف المباني، مؤكداً للأول والثاني، وأردفنا رسولاً برسول، وألزمناه القتال بمعقول ومنقول " واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون ".

" فسرنا منها نحو سرير ملكه شهراً، وبدلنا ثياب العهود سرها جهراً، وخطبنا من الله الكريم بكر فتح، وجعلنا بذل المهج لها مهراً، وصار العدو المخذول في هذه الأيام يطوف حول القرى من قرية إلى أخرى، بحيث لا يعرف شأنه ولا يعلم مكانه ".

" فإذا بلغنا المنازل القريبة من بلدة تبريز، دعته الضلالة إلى المكابرة بحسه، وخطاره بنفسه، عين لجنوده، وثبت وفوده، وبل ندى جموعه، وصب عليهم ماء دروعه، فسار بكثره وقله، وجزئه وكله، وجاء والإدبار قائده، والخذلان رائده، موضعاً يسمى بخالدران؛ فاختاره

<<  <   >  >>