" وإذ قرع مسامعنا هذا الخبر، بذلنا الجهد ... على مقابلتهم ومعاينتهم، فطوينا المراحل وقطعنا المنازل ذلك اليوم، فمرقنا وقت العصر على جبل منيع نرى منه خيامهم، وخلفهم وقدامهم، فضربت سرادقاتنا، وركزت أعلامنا، فحجز الليل بين الفريقين، وحجرت الخيل على الطريقين ".
" وكان الجمعان في تلك الليلة الظلماء على تعبئتهما، وإجابة داعي الموت بتلبيتهما، وبات الإسلام للكفر مقابلاً، والرشد للرفض مقاتلاً والهدى للضلالة مراقباً، والحق للباطل مجاريا، وهيأت دركات النيران، وهنأت درجات الجنان، وانتظر مالك، واستبشر رضوان ".
" فلما تجلى الصبح وعموده، وانهزم الليل وجنوده، وانتكست أعلامه وبنوده، نفر النفير غراب الغبار، وانتبهت في الجفون الصوارم وسقط النار، وكان اليوم يوم الأربعاء، وهو اليوم الثاني من شهر رجب المرجب ".
" وماجت خضارمنا، وهاجت ضراغمنا، وثارت غمائمها، سدت الأفق غمائمها، وترتبت أطلابنا على قلب وجناح، داعين للفوز والنجاح، وعين لكل أمير موقف لا يبرح عنه، ولا يغيب جمعه، ولا أحد عنه، فاتحدنا عليهم بهيئة مهيبة، وأبهة عجيبة، والتوفيق مسامرنا، والتأييد مؤازرنا، والتمكين مقارننا، والجد مكاثرنا، واليمين محاضرنا، والقدر مسامرنا، والظفر مجاورنا، والإسلام شاكرنا، والله عز وجل ناصرنا ".
" وقابلنا العدو والخدور في عدتهم وعديدهم، وقوتهم وحديدهم، بالسلاهب المجنبة، والقواضب المقربة، والصوائب المجعبة، عارضا لهامة ناير الغنامة، باشر الأعلامة، فسار عسكره، وثار عنتره، ونعرت كوساته، وصاحت بوقاته، وكانوا في زهاء ألف ألف أو يزيدون، ويكيدون وما يكيدون ".