داود المروزي يقول: سمعت أبا عيسى الحافظ يقول: كنت في طريق مكة، وكنت قد كتبت جزأين من أحاديث شيخ، فمر بنا ذلك الشيخ، فسألت عنه، فقالوا: فلان. فذهبت إليه وأنا أظن أن الجزأين معي، وحملت معي في محملي جزأين كنت ظننت أنهما الجزءان اللذان له، فلما ظفرت به وسألته أجابني إلى ذلك، أخذت الجزأين فإذا هما بياضٌ، فتحيرت، فجعل الشيخ يقرأ علي من حفظه، ثم نظر إلي فرأى البياض في يدي، فقال: أما تستحي مني؟! فقلت: لا. وقصصت عليه القصة، وقلت: أحفظه كله. فقال: اقرأ. فقرأت ما قرأ علي على الولاء، فلم يصدقني، وقال: استظهرت قبل أن تجيئني. فقلت: حدثني بغيره. فقرأ علي أربعين حديثاً من غرائب حديثه. ثم قال: هات اقرأ. فقرأت عليه من أوله إلى آخره كما قرأ، فما أخطأت في حرفٍ. فقال: ما رأيت مثلك. *
مات أبو عيسى الترمذي في سنة إحدى وثمانين ومئتين.
أخبرنا عبد الله بن اللتي؛ إجازةً: عن أبي الوقت: عن أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، أنه جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه، قال: كتابه عندي أنفع من كتابي البخاري ومسلم، لأن كتابي البخاري ومسلم لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم. وكتاب أبي عيسى يصل إلى فائدته كل أحد من الناس. *