للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٧٩- حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ هشام بن عبد الملك، ثنا عكرمة ابن عَمَّارٍ، ثنا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَمَّارٍ -وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ أبو أمامة: ((يا عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ -لِصَاحِبِ الْعَقْلِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ- بِأَيِّ شيءٍ تَدَّعِي أَنَّكَ رُبْعُ الإِسْلامِ؟ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرَى النَّاسَ عَلَى ضَلالَةٍ، وَلا أَرَى الأَدْيَانَ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُ عَنْ رجلٍ يُخْبِرُ أَخْبَارًا بِمَكَّةَ، وَيُحَدِّثُ أَحَادِيثَ، فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى أَقْدَمَ مَكَّةَ؛ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفٍ، وَإِذَا قَوْمُهُ عَلَيْهِ جِرَاءٌ فَتَطَلَّعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيٌّ. فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ. قُلْتُ: اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَبِأَيِّ شيءٍ؟ قَالَ: بِأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهَ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْئًا، وَكَسْرَ الأَوْثَانِ، وَصِلَةَ الأَرْحَامِ. فَقُلْتُ: مَنْ تَبِعَكَ عَلَى هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: حرٌ وعبدٌ. وَإِذَا مَعَهُ بِلالٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ. قَالَ: أَنْتَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا، وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ، فَالْحَقْ بِي. فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَسْلَمْتُ، فَجَعَلْتُ أَتَحَيَّنُ الأَخْبَارَ حَتَّى جَاءَ رَكْبٌ مِنْ يَثْرِبَ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ الْمَكِّيُّ الَّذِي أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: أَرَادَ قَوْمُهُ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَتَرَكَنَا النَّاسُ إِلَيْهِ سِرَاعًا. فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ ⦗١٥٠⦘ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلَسْتَ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُ. قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَاقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ فَلا تصل حتى ترتفع؛ فإنها تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، وحينئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ قِيدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فصل؛ فإن الصلاة مشهودةٌ محضورةٌ حتى يستقبل الرُّمْحُ بِالظِّلِّ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّهَا تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا فَاءَ الْفَيْءُ فَصَلِّ؛ فَإِنَّ الصَّلاةُ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ فَاقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ حِينَ تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وحينئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عن الوضوء. قال: ما منكم من رَجُلٌ يَقْرَبُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ فَيَمُجُّ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَيَسْتَنْثِرُ؛ إِلا خَرَّتْ خَطَايَا فِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ الله إلا خرت خطايا يديه مع أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلا خَرَّتْ خطايا رأسه مع أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إلا خرت خطايا قدميه مع أَطْرَافِ أَصَابِعِه مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَحْمَدُ الله، ويثني عليه بالذي هو له أَهْلٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ؛ إِلا انْصَرَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَهَيْئَةِ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

قَالَ أَبُو أمامة: يا عمرو بن عبسة، انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ، أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعْطَى الرَّجُلُ هَذَا كُلَّهُ فِي مَقَامِهِ؟! قَالَ عَمْرُو بْنُ عبسة: يَا أَبَا أُمَامَةَ، لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عظمي، واقترب أجلي، ومالي مِنْ حَاجَةٍ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ ⦗١٥١⦘ وَجَلَّ- وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، لَقَدْ سَمِعْتُهُ سَبْعًا، أَوْ ثَمَانِيًا، أَوْ أَكْثَرَ من ذلك)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>