العلمي، لأنَّ الجامعين لكتب الحديث الأول - خصوصًا الإمامين البخاري ومسلما - قد قاموا بكل ما في طاقة البشر عند عرض صحة كل حديث على قواعد التحديث عرضًا أشد كثيرًا من الذي يلجأ إليه المؤرخون الأوروبيون عادة عند النظر في مصادر التاريخ القديم. ويكفي أَنْ نقول أنه نشأ من ذلك «علم تام الفروع» غايته الوحيدة البحث في معاني أحاديث الرسول وشكلها وطريقة روايتها. وإِنَّ رفض الأحاديث الصحيحة جملة واحدة أو أقسامًا ليس حتى اليوم إلاَّ قضية ذوق، وإِنَّ السبب الذي يحمل على مثل هذا الموقف من المعارضة بين كثيرين من المسلمين المعاصرين يمكن تتبعه إلى مصدره، إنَّ السبب يرجع إلى استحالة الجمع بين طريقة حياتنا وتفكيرنا الحاضرة المتقهقرة وبين روح الإسلام الصحيح. ولكي يستطيع نقدة الحديث المُزَيَّفُونَ أَنْ يُبَرِّرُوا قصورهم وقصور بيئتهم، فإنهم يحاولون أَنْ يزيلوا ضرورة اتِّبَاع السُنَّة، لأنهم إذا فعلوا ذلك كان بإمكانهم حينئذٍ أَنْ يَتَأوَّلُوا تعاليم القرآن الكريم كما يشاؤون على أوجه من التفكير السطحي أي حسب ميول كل واحد منهم وطريقة تفكيره هو، ولكن تلك المنزلة الممتازة التي للإسلام على أنه نظام خلقي وعملي ونظام شخصي واجتماعي تنتهي بهذه الطريقة إلى التهافت والاندثار، وإنَّ الذين خلبتهم المدنية