للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إلى قومه بعد أن قيل قد مات)) .

قال: وأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر، وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيءٍ حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، ورسول الله مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرةٍ، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: بأبي أنت وأمي [والله لا يجمع الله عليك موتتين] ، أما الموتة التي كتبت عليك، فقد ذقتها فلن يصيبك بعدها موتة أبداً، ثم رد البرد على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس.

فقال: على رسلك يا عمر أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت، أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه، أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت، ثم تلا هذه الآية:

{وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} .

قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ، فأخذها الناس عن أبي بكر رضي الله عنه، فإنما هي في أفواههم.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال عمر: فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكرٍ تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي، وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.

قوله: (عقرت) يقال: عقر الرجل: إذا سقط إلى الأرض من قامته.

وحكاه يعقوب بالفاء من العفر وهو التراب، وصوب ابن كيسان الروايتين معاً، وقيل معنى عقرت: أي تحيرت.

قال ابن الأعرابي يقال: عقر وبحر، وهو إذا تحير فلم يهتد لوجه الأمر.

<<  <   >  >>