حدثني عُثْمَان بْن مُحَمَّدِ بْنِ سودة، وكانت أمه أمة من العابدات، فلما احتضرت رفعت رأسها إِلَى السماء فقالت: يَا ذخري وذخيرتي يَا من عَلَيْهِ اعتمادي فِي حياتي وبعد وفاتي لا تخذلني عند الموت، ولا توحشني فِي قبري.
قَالَ: فماتت، وكنت أزورها فِي كل جمعة فأستغفر لها ولأهل القبور فرأيتها ذات ليلة فِي منامي فقلت: كيف أنت؟ فقالت بني إن الموت لشديد كربه، وأنا بحمد اللَّه لفي برزخ يفترش فِيهِ السندس إِلَى يوم القيامة. قلت: لك حاجة؟ قالت: نعم، لا تدع مَا كنت تصنع من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لآنس بمجيئك يوم الجمعة، إذا أقبلت من أهلك يقال: هَذَا ابنك قد جاءك زائرا، فأسر بِذَلِكَ ويسر من حولي من الأموات لأجلي.
وَهَذَا صَحِيح، فإن الدعاء للأموات كالهدية للأحياء، وقد روي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" آنس مَا يكون الميت فِي قبره إذا زاره من كَانَ يحبه فِي دار الدنيا ".