قَالَ سُفْيَان الثوري: كَانَ من عادة عَبْد اللَّهِ بْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق بِهِ، وَكَانَ رقيقه عرفوا ذَلِكَ، فربما شمر أحدهم ولزم المسجد والإقبال عَلَى الطاعة، فإذا رآه ابْن عُمَرَ عَلَى تلك الحالة الحسنة أعتقه، فقيل لَهُ: إنهم يخدعونك، فيقول ابْن عُمَرَ: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: مَا مات ابْن عُمَرَ حَتَّى أعتق ألف إنسان أَوْ زاد عاش عَبْد اللَّهِ بْن عمر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سجية واحدة من ملازمة النسك، والاجتهاد فِي العبادة، واتباع السنة واجتناب الدنيا، والإكثار من الصدقة.
وتوفي بمكة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سنة ثلاث وسبعين، وَكَانَ أصاب رجله زج رمح رجل من جند الحجاج، فيحكى أن الحجاج دخل عَلَيْهِ فَقَالَ: لو أعلم الَّذِي أصابك لقتلته، فَقَالَ: أنت أصبتني، قَالَ كيف؟ قَالَ: حين أدخلت حرم اللَّه السلاح.
وفي الْحَدِيث دلالة عَلَى استحباب تقديم الوصية فِي حالة الصحة إن كَانَ لَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، مَا يوصي فِيهِ، قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عمر: مَا مرت علي ليلة واحدة منذ سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِكَ إِلا وعندي وصيتي.
وقد روي عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سئل عَنْ أفضل الصدقة أَنَّهُ قَالَ:" أن تصدق وأنت صَحِيح شحيح، تأمل البقاء، وتخشى الفقر، ولا تمهل حَتَّى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كَانَ لفلان ".