كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عَنْ قضاء الوطر، بل يحتسب النصب والتعب فِي طول أيام، ولا يتمنى سرعة انصرافه، ويستلذ مضاضته، فإذا لم يفعل ذَلِكَ فقد جاء فِي الْحَدِيث:" رب صائم ليس له من صيامه إِلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس لَهُ من قيامه إِلا السهر ".
عَنْ معاذة العدوية أنها كانت إذا جاء الليل، قالت: هَذِهِ ليلتي الَّتِي أموت فيها، فما تنام حَتَّى تصبح، فإذا جاء النهار، قالت: هَذَا يومي الَّذِي أموت فِيهِ فما تنام حَتَّى تمسي فإذا جاء الشتاء لبست الرقاق حَتَّى يمنعها البرد من النوم
وَقَالَ ابن شبرمة عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار؟
أنشدنا الْقَاضِي عَبْد الملك بْن أَحْمَدَ بْن معافي القزويني، لبعض الأدباء:
سررت بهجرك لما علمت ... أن لقلبك فِيهِ سرورا
ولولا سرورك مَا سرني ... ولا كَانَ قلبي عَلَيْهِ صبورا
ولكن أرى كل مَا ساءني ... إذا كَانَ يرضيك سهلا يسيرا