ومن الفتوة أن لا يتغير لأخيه بسبب من أسباب الدنيا. سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا جعفر الأخلاطي يقول: سمعت إبراهيم بن بشار يقول: سمعت ابن عيينة يقول: عن محمد بن سوقة، قال: كان رجلان متآخيين، فطلب أحدهما من صاحبه شيئاً فمنعه، فلم يتغير له عن حاله، فقال له: يا أخي، سألتني حاجة، فما قضيتها، فما تغيرت لي! فقال: إنما أحببتك ووليتك الأمر فلم تتغير عن الذي أحببتك عليه، فأنا لا أتغير لك، وإن منعتني. فقال الآخر: وأنا إنما منعتك لأجربك، فمد يدك الآن إلى ما شئت من مالي، فخذه، فما أنا بأحق به منك.
ومن الفتوة ما ذكره جعفر بن محمد الصادق. سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت القاسم بن عبيد الله بالبصرة يقول: سمعت الحسين بن نصر يقول: عن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه يقول: سئل جعفر بن محمد رضي الله عنه، ما الفتوة؟ فقال: الفتوة ليست بالفسق والفجر، ولكن الفتوة طعام مصنوع، ونائل مبذول، وبشر مقبول، وعفاف معروف، وأذى مكفوف.
ومن الفتوة حفظ آداب الظاهر والباطن. سمعت أبا الحسين الفارسي يقول: سمعت أبا محمد الجريري يقول: للدين رأس مال عشرةٌ: خمسة في الظاهر، وخمسة في الباطن.