تبارى الريح مكرمةً ومجدا ... إذا ما الكلب أحجره الشتاء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء
فقال: خذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أحديهما، ثم خرج على مجالس قريش، فقالوا: يا أبا أمية، أتيت شيخاً قد كبر سنه، ورق عظمه، وعنده ملهيتان، فسلبته أحديهما قال: فتدمم أمية من ذلك، فرجع إلى عبد الله، فلما رآه، قال: اكفف حتى أخبرك من ردك، فأخبره بمقالة القوم، ثم قال: خذ بيد الأخرى، وأنشأ يقول:
عطاؤك زينٌ لامرئ إن حياته ... وما كل العطاء بزين
وليس بشين لامرئ بذل وجهه ... إليك كما بعض السؤال بشين
ومن الفتوة أن يختار الإنسان عز إخوانه على عزه، وذله على ذلهم. سمعت محمد بن عبد الله الرازي يقول: سمعت الحسين بن علي القومسي يقول: وجه عصام البلخي إلى حاتم الأصم رحمه الله شيئاً، فقبله، فقيل له، لم قبلت؟ فقال: وجدت في أخذه ذلي وعزه، وفي رده عزي وذله، فاخترت عزه على عزي، وذلي على ذله.
ومن الفتوة ترك التميز في الخدمة والبذل. سمعت عبد الله بن محمد الرازي يقول: التواضع ترك التميز في الخدمة.