٩١- حدثنا أبو عمران موسى بن سهل الجوي، قال: حدثنا ابن أخي الأصمعي، حدثني عمي قال:
كنت عند أمير المؤمنين الرشيد ومعنا سعيد بن سلم، فلما كان نحو نصف النهار انصرفا، فإذا نحن بيهوديين ضريرين، أحدهما يقود صاحبه، وقال أحدهما للآخر -وليس يعلم أن أحداً يسمع كلامهما-: ويحك قد أقرح سنديٌ الحرسي قلوب الخلق، فقل معي: يا حليم ذو أناء، لا تعجل على الخطائين وإنما ⦗١٦٠⦘ تؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، لا طاقة لنا بسعة حلمك عن سندي الحرسي، وأنت العليم الحكيم.
قال الأصمعي: فقلت لسعيد: هل سمعت؟ قال: قد سمعت. قال الأصمعي: فلما وصلت إلى منزلي رميت بثيابي لأستريح، فإذا رسول الخليفة يدعوني إليه فراعني ذلك، وصرت مع الرسول فإذا هو جالسٌ في مجلسه ذلك فقال لي:
لا ترع، إنكم لما نهضتم غفوت فإذا قائلٌ يقول لي: اعزل سندي الحرسي عن رقاب الناس، وسل الأصمعي عما سمع. قال: فحدثته الحديث فظهر عليه من الخشوع والجزع شيءٌ عظيمٌ، وعلم أنها دعوةٌ استجيبت من وقتها، وبعث فأشخص الحرسي فضربه ألف سوطٍ، ثم أخذ صفة اليهوديين وأمر بطلبهما ببغداد كلها ومسألة اليهود عنهما فلم يعرفا.
[قال الضياء المقدسي] :
آخر ما انتقيت من أخبار الأصمعي، وكان بعد هذا حكاية واحدة. وقيل: آخر أخبار الأصمعي جمع القاضي أبي محمد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر، عن شيوخه، والحمد لله ⦗١٦١⦘ وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً. عورض ولله الحمد والمنة.