٤١- حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: سمعت ابن عباس يخطب على منبر البصرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يكن نبي إلا له دعوةٌ تنجزها في الدنيا، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي ⦗٤٩⦘ يوم القيامة، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، ويطول يوم القيامة على الناس ويشتد، حتى يقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم فيشفع لنا.
فيأتونه فيقولون: اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا، فيقول: إني لست هناك، إني خرجت من الجنة لخطيئتي، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا نوحاً أبا البشر.
فيأتون نوحاً، فيقولون: يا نوح، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا، فيقول: لست هناك؛ إني دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن.
فيأتون إبراهيم، فيقول: إني كذبت ثلاث كذباتٍ؛ قوله: ((إني سقيم)) وقوله: ((فعله كبيرهم هذا)) ، وقوله للملك:(إنها أختي) . قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أراد بهن إلا عز دين الله، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا موسى، عبداً اصطفاه الله برسالاته وكلامه.
فيأتون موسى، فيقول: إني قتلت نفساً بغير نفسٍ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته.
فيأتون عيسى، فيقول: إني اتُخِذت إلهاً من دون الله، ولا يهمني اليوم إلا نفسي.
أرأيتم لو كان متاعٌ في وعاءٍ مختومٍ، أكان يقدر على ما فيه حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا. [فيقولون] : إن محمداً خاتم النبيين، وقد حضر، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأقول: أنا لها حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أذن أن يقضى بين خلقه، نادى منادٍ: أين أحمد وأمته، فنحن الآخرون والأولون، فأول من يحاسب وتفرج لنا الأمم عن ⦗٥٠⦘ طريقنا، فنمضي غراً محجلين من آثار الوضوء، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها. فآتي باب الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فأقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمدٌ، فيفتح، فأرى ربي عز وجل وهو على كرسيه أو سريره، فأخر له ساجداً، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ قبلي، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع [لك] ، وسل تعط، واشفع تشفع. فأرفع رأسي، فأقول: يا رب، أمتي، فيقال لي: أخرج من النار من كان في قلبه من الإيمان كذا وكذا. ثم أعود الثانية وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ كان قبلي، ولا يحمده بها أحدٌ بعدي، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع [لك] ، وسل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، وأقول يا رب، أمتي أمتي، فيقال: أخرج من النار من كان في قلبه كذا وكذا دون ذلك. ثم أعود الثالثة، فأخر ساجداً، فأحمده)) . وذكر الحديث.