المعتزلة والخوارج، لكن قد يكون له لوازم ودلائل فيُستدل بعدمه على عدمه) (١)
فتلك الشُّبهة قد جمعت تلك الفرق التي خالفت أهل السنة والجماعة، وإن اختلفوا في بيان حقيقة الإيمان عند كل منها سواء، من جعل هذه الحقيقة خصلةً واحدةً: وهم المرجئة، أَو جعلها حقيقة مركبةً -وهم الوعيدية- = فهم متفقون على التزام ذاك الأصل وهو دعوى استحالة التفاوت والتبعض في الإيمان.
فمن جعلها خصلة واحدةً: جعل قبول التفاوت فيه يستلزم ذهابه بذهاب بعضه واضمحلاله، ذلك لأَنَّ القولَ بنقصِ الإيمان يلزم منه أَن يخلفه نقيضه وهو الكفر فيقوم بالعبد كُفر وإيمان وهذا ممتنعٌ؛ لأَنَّه من باب اجتماع النقيض مع نقيضه في شَخْصٍ واحد، لذا امتنع القول بإمكان التفاوت.
ومن جعل الإيمانَ من المخالفين حقيقةً مركبةً من اعتقادٍ، وقول، وعمل ... -وهذا قول الخوارج والمعتزلة - = جعلَ حلول النقص في هذه الحقيقة المركبة يلزم منه انعدام هذه الحقيقة وزوالها، وشبهتهم في ذلك: أنَّ الحقيقة المُركبةَ تزول بزوال بعض أجزائها، وضربوا على ذلك مثالًا بـ (العشرة) فإنّه إذا زال بعضها لم تبقَ عشرة.
فإذا كان الإيمانُ حقيقةً مركبةً من أَقوالٍ وأعمال ظاهرة وباطنة= لزم بزوال البعض زوال جميع هذه الحقيقة إذ لو فُرض وقوع النقص في هذه الحقيقة مع بقائها، وعدم زوالها لانبنى على ذلك أن يجتمعَ في الشَّخصِ إيمانٌ وكفرٌ، وتوحيدٌ وشرك. وهذا خلاف الضَّرورة العقليَّة بزعمهم.