للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيء قد يطلق عليها اسم الشيء على سبيل المجاز، وإن كان يبقى الاسم مع فوات تلك التوابع، كما أنَّ أغصانَ الشَّجرةِ قد يقال: إنَّها من الشجرة، مع إن اسم الشجرة باق بعد فناء الأغصان فكذا ههنا) (١)

وقبل بيان بطلان دعوى الاستناد إلى هذه الضرورة، ومنع ورودها على مادلت عليه النصوص الشرعية من تفاوت الإيمان وقبوله للزيادة والنقص =أُورد أقوال المخالفين التي تدل على استقرار هذا الأصل عندهم إجمالًا.

يقول القاضي عبد الجَبَّار عند تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} الأنفال: ( ... ومنها: أنّه يدلّ على أنَّ الإيمان يزيد وينقص، على ما نقوله؛ لأنَّه إذا كان عبارة عن هذه الأمور التي يختلف التعبُّد فيها على المُكلَّفين، فيكون اللاّزم لبعضهم أَكثر مما يلزم الغير، فتجب صِحَّة الزِّيادةِ والنُّقصان، وإنّما كان يمتنع ذلك لوكان الإيمان خصلةً واحدةً، وهو القول باللِّسان، أو اعتقادات مخصوصة بالقلب) (٢)

فالزيادة والنقصان عند القاضي ليستا متعلِّقتين بحقيقة الإيمان، وإنما بالتكاليف التي يختلف التعبد فيها بحسب حال المُكلّفين، لذا امتنع عنده حصولهما لوكان الإيمان خصلة واحدة، وهذا مناقض لما عليه أهل السّنّة؛ إذ الزيادة والنقصان واقعتان في الأعمال كما أنهما واقعتان في قول اللِّسان وقول القلب.

وبمثل ماقرّره القاضي عبدالجبَّار قالت الإِباضيَّة -وهي امتداد للمُحَكِّمة الأولى من الخوارج-،لذا يقول أبو محمد عبد الله السَّالمي:


(١) "المصدر السابق" (١٤٩)
(٢) "مُتشابه القرآن"للقاضي عبد الجبار (٣١٢ - ٣١٣)

<<  <   >  >>