للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...........................................................................................................


عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب ابناً له اكتنى بأبي عيسى، وقال: "إن عيسى ليس له أب"، وأنكر على المغيرة بن شعبة تكنيته بهذه الكنية كما سيأتي.
وقد أجيب عن الحديث بأنه مرسل لا حجة فيه على القول الراجح، فعليُّ بن رباح والد موسى من صغار التابعين، كما في "تقريب التهذيب" ٢/٣٧، وقد أرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والواقع بأن عيسى لا أب له وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مزاحاً.
ويدل لجواز الاكتناء بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى المغيرة بن شعبة بأبي عيسى بإخبار المغيرة عن نفسه، وبشهادة بعض الصحابة له بأنه كان يكنيه، بها فقد أخرج أبو داود في "سننه" ١٣/٣٠٣ مع عون المعبود (في كتاب الأدب/ باب فيمن يتكنى بأبي عيسى) بسند حسن إن لم يكن صحيحاً من طريق زيد بن أسلم عن أبيه.
أن عمر بن الخطاب ضرب ابناً له تكنى أبا عيسى، وأن المغيرة ابن شعبة تكنى بأبي عيسى فقال: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأنا في جلجتنا فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هلك" (الجلجة) محركة: واحدة الجلج، قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" ١/٢٨٣: "قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عنه، فلم يعرفه. وقال ابن الأعرابي وسلمة: الجلج: رؤوس الناس واحدتها جلجة. وقال ابن قتيبة: معناه بقينا نحن في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يصنع بنا. وقيل الجلج في لغة أهل اليمامة: جباب الماء كأنه يريد: تركنا في أمر ضيق كضيق الجباب" وانظر: تاج العروس ٥/٤٥٥.
وفي الإصابة لابن حجر قال: "وذكر البغوي من طريق زيد ابن اسلم أن المغيرة استأذن على عمر فقال: "أبو عيسى" قال: من أبو عيسى؟ قال المغيرة بن شعبة. قال: "فهل لعيسى من أب؟ " فشهد له بعض الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكنيه بها فقال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم غفر له، وأنا لا ندري ما يفعل بنا، وكناه أبا عبد الله" ا?. "الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" ٣/٤٥٣.
فعمر بن الخطاب رضي الله عنه –على حدّ قول المباركفوري في مقدمة تحفة الأحوذي/٣٤٥- تأول تكني رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بأبي عيسى بأنه ما كناه به بل إنما دعاه به بعض الأحيان وهذا لا يستدل به على الجواز لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما فعل شيئاً، وإن كان خلافه أولى، ويكون هذا في حقه مسلوب الكراهة. وهذا معنى قوله: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
قال المباركفوري: "قلت: ليس في النهي عن التكني بأبي عيسى حديث مرفوع متصل صحيح صريح فالظاهر هو الجواز"

<<  <  ج: ص:  >  >>