للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكانة الترمذي العلميّة:

بلغ الترمذي بسبب عوامل عدة شأوا بعيداً ومدى واسعاً بوأه مكاناً عالياً، ولقبا رفيعاً، وأسلمه زمام الإمامة في الحديث حتى أصبح –كما قال السمعاني-: "إمام عصره بلا مدافعة".

فإن إلقاء نظرة على بعض شيوخ الترمذي الذين اعتنى بلقبهم والأخذ عنهم والاقتباس منهم نجدهم من كبار الأئمة الذين انتهت إليهم الرئاسة في العلم والتعليل، وأشير إليهم بالأصابع في الحفظ وعلو المرتبة.

وإن إدراكاً لزمن الترمذي "القرن الثالث الهجري" نجده من أزهى عصور العلم وأبهجها.

وإن تأملا في بلدته "ترمذ" التي نشأ فيها وتلك البلدان الأخرى التي حولها نجدها من حواضر العلم والمعرفة الغاصة بفحول العلماء والمحدثين، حتى إنه كان يطلق على بلدته تلك "مدينة الرجال"؛ لما أنجبته من العلماء العظام في شتى العلوم والفنون.

فهذا الذي ذكر مع ما رزقه الله من استعداد فطري ونفسي، وصلاح وتقوى، وتفتح ووعي، وهمة عالية في طلب العلم لا تعرف الكلل ولا الملل، ولا تفرق بين الحضر والسفر كما سيأتي، وحركة دائبة متمثلة في رحلاته الواسعة وتنقله بين أعيان المشايخ جرياً وراء الفائدة، مكّنه من النبوغ في العلم والرسوخ في الحديث حتى بذَّ الأقران وتقدمهم وصار القدوة في الحديث وعلله.

قال الحافظ العالم أبو سعيد الإدريسي: "محمد بن عيسى بن سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>