للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذاكرة نقل عنه أنه قال: "أحفظ مئة ألف حديث صحيح، ومئتي ألف حديث غير صحيح".

وقصته حين دخل بغداد مع علمائها مشهورة تدل على مبلغ حفظه وعظيم ضبطه، فقد أراد أصحاب الحديث في بغداد امتحان حفظه فعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، ودفعوها إلى عشرة أشخاص لكل واحد عشرة أحاديث؛ ليلقوها عليه في المجلس، وأخذوا عليه الموعد لذلك فلما اطمأن المجلس بأهله، وكان قد حضره جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم، ومن البغداديين انتدب إليه أحدهم فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه فما زال يلقى عليه حديثاً بعد آخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري: يقول لا أعرف.

فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون فهم الرجل، ومن كان غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز، والتقصير، وقلة الفهم.

ثم انتدب الثاني والثالث إلى آخر العشرة فكان حاله معهم كذلك فلما فرغوا التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا، وحديثك الثاني كذا وصوابه كذا، والثالث والرابع على الولاء حتى تمام العشرة، فردّ كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقرّ له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.

وقد علّق الحافظ ابن حجر على هذه القصّة بقوله: هنا يخضع للبخاري، فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب، فإنه كان حافظاً بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه إليه من مرة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>