غيره، فلنا أن نقول أين صححه؟ فإن البغوي إذا أطلق في مجال الحديث انصرف الذهن إلى كتابه "شرح السنة"، وهو أخرج الحديث فيه، ولكن لم يصححه كما ذكر أحمد شاكر، بل قال عنه أنه حسن جرياً على اصطلاحه المعروف. وأنا أرجح أنه لم يرجع للبغوي، وإلا لذكره رأساً، ولما احتاج أن يقول: ونسبه الحافظ للبغوي.
وبعد: فإن هذا الحديث يدور على محمد بن عمرو وحاله ما عرفت، فهو وإن كان من أهل الصدق والديانة، إلا أنه متكلم فيه من قبل ضبطه وإتقانه حتى ضعّفه بعضهم –كما قال ابن الصلاح- من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم؛ لصدقه وجلالته.
فحديثه يمكن أن يكون حسناً لذاته، هذا إذا تسامحنا؛ لأن الدلائل تشير إلى غير ذلك، وهو أن حديثه صالح للاعتبار، ويرقى بشواهده إلى حسن لغيره، وفيما يلي بيان هذه الدلائل:
قال ابن معين عنه فيما تقدّم:"مازال الناس يتقون حديثه" ولما قيل له: ما علة ذلك؟ قال:"كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة" ا?.
واتقاء حديثه يكون بالنظر فيه والتأكد منه بأن يختبر ويعتبر حتى يحصل الاطمئنان به، بأن يكون رواه على وجهه الذي ورد عليه لم يخطئ، ولم يغلط فيه؛ لأن ما عرف عنه من ضعف الحفظ أحدث شكاً في مروياته، ولا يزول هذا الشك إلا باليقين منها، بأن ينظر مثلا هل شاركه أحد في مرويه هذا، أو جاء من أوجه أخرى، فإن كان