فالبلقيني لم يرتض التسوية بين الفتح والكسر من البطليوسي، واستند في جزمه بأن الفتح تجريح وليس تعديلا إلى ما نقله عن ثعلب.
والحاصل أن من فرّق بين مقارِب الحديث بكسر الراء ومقارَب الحديث بفتحها ليس عنده إلا ما ذكره ثعلب، ويمكن لندرته نفاه العراقي في جوابه الذي مضى على المعترض قال:"وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشيء المقارب هو الرديء، وهذا ليس معروفاً في اللغة، وإنما هو في ألفاظ العوام" ا?.
ولا يستبعد أن العراقي يقصد بهذا المعترض البلقيني من غير أن يفصح عنه، فإن البلقيني اعترض على البطليوسي الذي هو ابن السيد الذي ذكر عنه أنه يرى الوجهين من ألفاظ التعديل، وحينئذ فرّق بينهما البلقيني فرأى أن الكسر تعديل والفتح تجريح.
وإذا كان هذا المعترض في كلام العراقي هو البلقيني، فإنه لم يفهم الشيء المقارب بالفتح هو الرديء من تلقاء نفسه، كما عبّر عنه كلام العراقي بل فهمه بواسطة ما حكاه ثعلب من أهل اللغة فكيف يقول العراقي:"وهذا فهم عجيب فإن هذا ليس معروفاً في اللغة، وإنما هو في ألفاظ العوام".
ينبغي الرجوع إلى "فصيح ثعلب" إن كان ذكره فيه لنرى على أي وجه ذكر ثعلب ذلك الكلام١.
١ رجعت إلى "فصيح ثعلب" وهو مخطوط في المكتبة العامة بالجامعة الإسلامية بالمدينة إلا أنني لم اهتد لشيء من ذلك.