للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعتقد أن كلام الهراس وما بنى عليه من الكلام الذي قبله لا يعدم ناقداً أو معترضاً؛ لأن الأحكام لا تثبت بالحديث الضعيف، كما هو معلوم، والعدل وحسن المعنى إنما هو في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه، فإذا ثبت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون ما تضمنه هو العدل والحق، وإذا لم يثبت لا يفيد فيه حسن معناه، ولا يمكن أن يقال: فات رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه من العدل إذا كان كذلك.

قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود"١: "وليس مع من ضعّف الحديث حجة؛ فإن رواته محتج بهم في الصحيح، وهم أشهر من أن يسأل عن توثيقهم، وقد حسّنه إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري، والترمذي بعده، وذكره أبو داود ولم يضعّفه، فهو حسن عنده، واحتج به الإمام أحمد، وأبو عبيد.

وقد تقدم شاهده من حديث رافع بن خديج في قصة الذي زرع في أرض ظهير بن رافع، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأرض أن يأخذوا الزرع، ويردوا عليه نفقته، وقال فيه لأصحاب الأرض: "خذوا زرعكم"٢


١ ٩/٢٦٦ مع عون المعبود.
٢ نص الحديث كما رواه أبو داود في "سننه" ٩/٢٦٣ مع عون المعبود بعد سياق سنده قال: حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا أبو جعفر الخطمي قال: "بعثني عمي أنا وغلاماً له إلى سعيد بن المسيب قال: فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزرعة، قال: كان ابن عمر لا يرى بها بأساً حتى بلغه عن رافع بن خديج، فأتاه فأخبره رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حارثة فرأى زرعاً في أرض ظهير، فقال: ما أحسن زرع ظهير، قالوا: ليس لظهير، قال: أليس أرض ظهير؟ قالوا: بلى. ولكنه زرع فلان، قال فخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة، قال رافع: فأخذنا زرعنا، ورددنا إليه النفقة، قال سعيد: أفقر أخاك أو أكره بالدراهم" وقد سكت عنه أبو داود وتبعه المنذري. "مختصر السنن" ٥/٦٣ مع شرح وتهذيب سنن أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>