هذا ومما جاء في "الإصابة" قوله: "شهد العقبة وبدراً وما بعدها إلى أن قال: وشهد الفتوح، وداوم الغزو، واستخلفه علي على المدينة لما خرج إلى العراق، ثم لحق به بعد، وشهد معه قتال الخوارج. قال ذلك الحكم ابن عيينة" ا?.
فرجل كهذا يبلغ به هذا الحرص على حضور المعارك، هل يظن به أن يتخلف عن معركة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما بدر أول معركة في الإسلام، وتوصف بأنها من المعارك الفاصلة.
ومن هذا الرجل؟ إنه أبو أيوب الذي احتضن رسول الله في قلبه، وبيته، والذي يظهر من النظر في سيرته، أنه كان قوي الشكيمة، كثير الشهود للمعارك، محباً للسفر والترحال، فقد سافر في طلب العلم إلى مصر من أجل حديث واحد حتى إنه مات في الغزو.
وإذا كان أنس "رضي الله عنه" فيما رواه عمر بن شبة، ومحمد بن سعد١ يغضب، ويقول وهو غلام لمن قال له: أشهدت بدراً؟ لا أم لك، وأين أغيب عن بدر" ا?.
فهل يرضى أبو أيوب أن يتخلف عن بدر، وإذا كان تخلف عنها
١ انظر: البداية والنهاية ٣/٣١٥ وفي آخره يقول ابن كثير: قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيبه (١ ورقة ٦٢) ، هكذا قال الأنصاري (يعني محمد بن عبد الله الأنصاري الذي روى عنه ابن شبة، وابن سعد شهود أنس بدراً) ولم يذكر ذلك أحد من أصحاب المغازي. وانظر: تهذيب التهذيب ١/٣٧٧.