كتاب المنتقى - ابن الجارود - قسم من أوله

باب ما جاء في الوضوء من القيء - ص: 13

٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَعِيشَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ طَلْحَةَ (١)، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاءَ فَأَفْطَرَ، قَالَ (٢):فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ الْوَضُوءَ (٣).

---

(١) كذا في الأصل، وفي الإتحاف: معدان بن أبي طلحة، وكلاهما صواب، وصوب الترمذي «ابن أبي طلحة» [الترمذي، السنن، ط ١، (١/ ١٤٢)]، وكذا النسائي [السنن الكبرى، ط ١، (٣/ ٣١٤)].
(٢) القائل هو معدان؛ فقد جاء عند أبي داود التصريح بذلك.
(٣) رجال الإسناد:
محمد بن يحيى: وهو الذهلي، تقدم.
عبد الصمد بن عبد الوارث: وهو ابن سعيد التميمي العنبري مولاهم التَّنُّوري البصري، صدوق، ثبت في شعبة، روى عن: أبيه عبد الوارث، وشعبة وحماد بن سلمة، وروى عنه: أحمد بن حنبل وابن راهويه والذهلي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٨/ ٩٩)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٦/ ٣٢٧)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣٥٦ رقم ٤٠٧٨)].
عبد الوارث: وهو ابن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم التَّنُّوري البصري، ثقة ثبت رمى بالقدر ولم يثبت عنه، روى عن أيوب السختياني وبهز بن حكيم وحسين المعلم، وروى عنه ابنه عبد الصمد، وعفان بن مسلم وابن المديني. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٨/ ٤٧٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٦/ ٤٤١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣٦٧ رقم ٤٢٥١)].
حسين المعلم: وهو الحسين بن ذكوان المُعَلِّمُ المُكَتِّبُ العَوْذِيُّ البصري، ثقة ربما وهم، روى عن نافع مولى ابن عمر وعطاء وقتادة ويحيى بن أبي كثير، وروى عنه يحيى القطان وغندر وعبد الوارث بن سعيد. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٦/ ٣٧٢)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٢/ ٣٣٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ١٦٦ رقم ١٣١٣)].
يحيى بن أبي كثير: الطائي مولاهم اليمامي، واسم أبى كثير: صالح بن المتوكل، وقيل: يسار، وقيل غير ذلك)، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، روى عن أنس بن مالك والسائب بن يزيد رضي الله عنهما والأوزاعي ونافع مولى ابن عمر، وروى عنه: هشام الدستوائي وشعبة والأوزاعي وحسين المعلم. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣١/ ٥٠٤)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ٢٦٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٩٦ رقم ٧٦٣٢)].
الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو بن أبى عمرو: يُحْمَد الشامي الدمشقي، ثقة جليل فقيه، روى عن: الأعمش وعطاء بن أبي رباح وقتادة السدوسي ويعيش، وروى عنه: شعبة والثوري وابن المبارك ووكيع بن الجراح ويحيى بن أبي كثير. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٧/ ٣٠٧)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٦/ ٢٣٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣٤٧ رقم ٣٩٦٧)].
يعيش: وهو ابن الوليد بن هشام بن معاوية بن عقبة بن أبى معيط بن أبى عمرو بن أمية القرشي الأموي المعيطي الدمشقي، ثقة، روى عن: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأبيه الوليد، ومعدان بن أبي طلحة، وروى عنه: الأوزاعي ويحيى بن أبي كثير وعكرمة بن عمار اليمامي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٢/ ٤٠٤)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ٤٠٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦١٠ رقم ٧٨٥٢)].
أبو يعيش: وهو الوليد بن هشام بن معاوية بن هشام بن عقبة بن أبى معيط القرشي الأموي، ثقة، روى عن: أم الدرداء الصغرى رضي الله عنها وعمر بن عبد العزيز ومعدان بن طلحة، وروى عنه: ابنه يعيش، وابن عيينة والأوزاعي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣١/ ١٠٢)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ١٥٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٨٤ رقم ٧٤٦١)].
معدان بن طلحة: أو ابن أبى طلحة (وهو الذي رجحه الترمذي والنسائي)، اليعمري الكناني الشامي، ثقة، روى عن: عمر بن الخطاب وثوبان وأبو الدرداء وعمرو بن عبسة رضي الله عنهم، وروى عنه: سالم بن أبي الجعد والوليد بن هشام المعيطي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٨/ ٢٥٦)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٠/ ٢٢٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٣٩ رقم ٦٧٨٧)].
أبو الدرداء: الصحابي الجليل عويمر، واختلف في اسم أبيه، (فقيل: زيد وقيل غير ذلك)، ابن قيس الأنصاري الخزرجي، روى عنه: أنس بن مالك وسلمان الأغر وزوجته أم الدرداء الصغرى رضي الله عنهم، ومعدان بن طلحة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٢/ ٤٦٩)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٨/ ١٧٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٣٤ رقم ٥٢٢٨)].
ثوبان: وهو الصحابي الجليل ثوبان بن بُجْدُد، ويقال: ابن جَحْدَر القرشي الهاشمي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه: شداد بن أوس رضي الله عنه، وأبو إدريس الخولاني ومعدان بن أبي طلحة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٤/ ٤١٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٢/ ٣١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ١٣٤ رقم ٨٤٢)].
وهذا إسناد رجاله ثقات.

التخريج:
أخرجه أحمد في المسند (٤٥/ ٤٩٢) (ح ٢٧٥٠٢) وأبو داود في السنن (كتاب الصوم-باب الصائم يستقيء عامدا-٢/ ٣١٠ - ح ٢٣٨١) والترمذي في السنن (كتاب الطهارة- باب الوضوء من القيء والرعاف-١/ ١٤٢ - ح ٨٧) والنسائي في السنن الكبرى (كتاب الصيام-باب في الصائم يتقيأ، وذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير-٣/ ٣١٤ - ح ٣١٠٧، ٣١٠٨) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي عن يعيش بن الوليد، عن أبيه، به.
وقال الترمذي عقب الحديث: «وقد جوَّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب، وروى معمر هذا الحديث، عن يحيى بن أبي كثير [أخرجه عبد الرزاق في المصنف (كتاب الطهارة-باب الوضوء من القيء والقلس-١/ ١٣٨ - ح ٥٢٥)، (كتاب الصيام-باب القيء للصائم-٤/ ٢١٥ - ح ٧٥٤٨)، وأحمد في المسند (٤٥/ ٥٢٥) (ح ٢٧٥٣٧)، والنسائي في السنن الكبرى (كتاب الصيام-باب ذكر الاختلاف على هشام الدستوائي-٣/ ٣١٧ - ح ٣١١٦)] فأخطأ فيه، فقال: (عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء)، ولم يذكر فيه (الأوزاعي)، وقال: (عن خالد بن معدان)، وإنما هو (معدان بن أبي طلحة)»
وأخرجه البزار في المسند (٤١٢٣) من طريق يحيى بن أبي كثير، به، ثم قال: «وهذا الحديث بهذا اللفظ قد روي من وجوه عن أبي الدرداء، ولكن اقتصرنا على هذا الإسناد دون غيره؛ لأن هذا الإسناد فيه أن يحيى بن أبي كثير رواه عن الأوزاعي، فكتبناه من أجل ذلك ولم نُعِدْهُ عن غيره».
واختلف فيه على يحيى فرواه عنه هشام الدستوائي وحرب بن شداد ومعمر بن راشد فقالوا: (عن يعيش عن معدان) كما عند أحمد في المسند (٣٦/ ٣١) (ح ٢١٧٠١)، والنسائي في السنن الكبرى (كتاب الصيام-باب في الصائم يتقيأ-٣/ ٣١٥ - ح ٣١٠٩، ٣١١٠، ٣١١٢)، وانفرد عنه حسين بن ذكوان المعلم فقال: (عن يعيش عن أبيه عن معدان) فأخطأ فيه.
وقد جود حسينُ المعلم حديثه، كما نقل عن الإمام أحمد [انظر: ابن الجوزي، التحقيق، ط ١، (١/ ١٨٨)]، والبخاري [الترمذي، العلل الكبير، ط ١، (١/ ٥١)]، والترمذي [السنن، ط ١، (١/ ١٤٢)].
وصوب رواية يعيش عن معدان به، دون ذكر: «عن أبيه»، كل من: أحمد [العلل، ط ١، (٣/ ٣٤٨) (٥٥٣٤)] وابن خزيمة [ابن خزيمة، الصحيح، ط ١، (٣/ ٢٢٤) (١٩٥٦)]، والحاكم [المستدرك، ط ١، (١/ ٥٨٨) (١٥٥٣)].
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (١٢/ ٥٩٥) برقم (١٦١٦٢)، وطرفه من حديث ثوبان (٣/ ٣١) برقم (٢٤٨٤)].

الفوائد الفقهية للباب:
يستفاد من هذا الباب وهذا الحديث في بابين من أبواب الفقه؛ الطهارة والصوم، وفيه: هل القيء ناقض للوضوء والصوم أم لا، واختلف الفقهاء في توجيه لفظة قاء في الحديث، وهل المراد: استقاء، أو قاء فضعف، أو قاء قيئا فاحشا، ومما يستفاد من هذا الحديث:
مشروعية الإفطار لمن قاء فضعف.
مشروعية الوضوء مما خرج من غير السبيلين.
مشروعية الوضوء من القيء.
[ابن العربي، عارضة الأحوذي، ط ١، (١/ ١٢٦، ١٢٧)، ابن سيد الناس، النفح الشذي، ط ١، (٣/ ٣٢١، ٣٢٢)، ابن حجر، فتح الباري، ط ١، (٤/ ١٧٥)]