للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو ابْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ (١).


(١) رجال الإسناد:
أحمد بن الفرج الحمصي: هو أحمد بن الفرج بن سليمان، أبو عُتْبَة الكِنْدِيّ الحِمْصِيّ، المعروف بـ «الحجازي» المؤذن، ذكره المقدسي في الكمال [مخطوط الظاهرية، (١/ق ٢٠٦ أ، ب)، مخطوط شيستربيتي، (١/ق ٢٧٧ ب)]، وحذفه المزي في موضعه من تهذيب الكمال، وأشار إليه في الكنى من الكتاب المذكور، وقال: «تقدم في الأسماء»! [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٤/ ٦٦)]، إلا أنه لم يذكره هناك، فلعله سقط سهوا، وتابعه على صنيعه ابن حجر [تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦٥٧)]، وقد ذكره ابن قطلو بغا في الثقات [الثقات، ط ١، (١/ ٤٥٦)]، واستدركه مغلطاي [إكمال تهذيب الكمال، ط ١، (١/ ١٠٤)]، وتبعه ابن حجر [تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٦٧)]؛ وذلك لرواية النسائي عنه، كما ذكر ابن عساكر [تاريخ دمشق، ط ١، (٥/ ١٥٨)]، ولم يذكره في المعجم المشتمل، ولا استدركه الضياء في جزء الأوهام، فلعل رواية النسائي في خارج السنن؛ لأنني لم أجدها في السنن الكبرى والمجتبى، ثم وجدت تصريح الذهبي [تاريخ الإسلام، ط ١، (٦/ ٤٩١)] وغيره بذلك، وذكر الكوكباني [حاشية على خلاصة الخزرجي، ط ٢، (ص ١١)] أن رواية النسائي عنه في كتاب الكنى (مفقود)، وذكر الدولابي [الكنى، ط ١، (ص ٤٠٠ - ح ٧١١)] رواية النسائي عنه، كما أسند ابن عساكر رواية النسائي عنه [تاريخ دمشق (٥/ ١٦٠)]، قال فيه ابن أبي حاتم [الجرح والتعديل، ط ١، (٢/ ٦٧)]: «كتبنا عنه، ومحله عندنا محل الصدق»، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات، د. ط، (٨/ ٤٥)]، وقال: «يخطئ»، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة مشهور [ابن حجر، لسان الميزان، ط ١، (١/ ٥٧٦)، ابن قطلو بغا، الثقات، ط ١، (١/ ٤٥٦)]، وصحح الدارقطني أسانيد في أحدها أحمد بن الفرج! [الدارقطني، السنن، ط ١، (١/ ٩٢)]، ووثقه أبو عبد الله الحاكم [المدخل إلى الصحيح (ص ١٩٨)]، وقال أبو أحمد الحاكم: «أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي قدم العراق فكتبوا عنه، وأهلها حسنو الرأيَ فيه، لكن أبو جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي كان يتكلم فيه، ورأيت أبا الحسن أحمد بن عمير يضعف أمره» [الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ط ١، (٥/ ٥٥٨)]، وقال فيه ابن عدي: «وأبو عتبة مع ضعفه قد احتمله الناس ورووا عنه ... ، وأبو عتبة ... ليس ممن يحتج بحديثه، أو يُتَدَيَّنُ به، إلا أنه يكتب حديثه» [ابن عدي، الكامل، ط ١، (١/ ٣١٣)]، وضعفه ابن جَوْصَا [ابن عبد الهادي، التنقيح، ط ١، (١/ ١٧٢)]، وواه الذهبي [التنقيح، ط ١، (١/ ٤٣)]، ومن خلال ما سبق يتبين أنه مقبول على اصطلاح الحافظ، أي: لين وإلا توبع، وهو صدوق في نفسه، ولا يحتمل تفرده ولا مخالفته، روى عن بقية بن الوليد ومحمد بن يوسف الفريابي وابن أبي فديك، وروى عنه النسائي في الكنى والمصنف وابن أبي حاتم ويحيى بن صاعد وعبد الله بن أحمد بن حنبل.
بقية: وهو ابن صائد بن كعب بن حريز الكلاعي الحميري المَِيْتَمِيّ، أبو يُحْمِد الحمصي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، فإذا صرح بالتحديث عن الثقات قُبِلَ، روى له البخاري تعليقا ومسلم في المتابعات، روى عن ابن المبارك وشعبة ومالك بن أنس ومحمد بن الوليد الزبيدي، وروى عنه ابن راهويه وحماد بن زيد وحماد سلمة وأحمد بن الفرج وهو آخر من روى عنه. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٤/ ١٩٢)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٤٧٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ١٢٦ رقم ٧٢٩)].
الزبيدي: وهو محمد بن الوليد بن عامر الزُّبَيْدِيّ، أبو الهذيل الحمصي القاضي، ثقة ثبت، من كبار أصحاب الزهري، وكان لا يأخذ إلا عن الثقات، روى عن الزهري وهشام بن عروة ونافع مولى ابن عمر وعمرو بن شعيب، وروى عنه أخوه أبو بكر بن الوليد المعروف بـ «صمصوم»، وبقية بن الوليد والأوزاعي ويحيى بن سعيد العطار وإبراهيم بن أدهم الزاهد. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٦/ ٥٨٦)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٩/ ٥٠٢)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥١١ رقم ٦٣٦١)].
عمرو بن شعيب: وهو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي المدني، صدوق، روى عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى كذلك عن أبيه شعيب (وجل روايته عنه)، وسعيد المقبري وابن المسيب وعروة بن الزبير، وروى عنه أيوب السختياني وثابت البناني والزهري ومحمد بن الوليد الزبيدي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٢/ ٦٤)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٨/ ٤٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٢٣ رقم ٥٠٤٩)].
شعيب: وهو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي الحجازي، صدوق ثبت سماعه من أبيه كما قال البخاري وأبو داود وغيرهما، روى عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس وابن عمر ومعاوية وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، وروى عنه ابناه: عمرو وعمر، وثابت البناني. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٢/ ٥٣٤)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٤/ ٣٥٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٢٦٧ رقم ٢٨٠٦)].
عن جده: المقصود جد شعيب، لا جد عمرو، وهو الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد ابن سعد القرشي السهمي، روى عنه أنس بن مالك رضي الله عنه، وعمرو بن دينار ومجاهد بن جبر وحفيده شعيب. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٥/ ٣٥٧)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٥/ ٣٣٧)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣١٥ رقم ٣٤٩٩)].
وهذا إسناد لا ينزل عن رتبة الحسن، وما يخشى من تدليس بقية زال بتصريحه بالتحديث عن الزبيدي الثقة الثبت، وأما شيخ ابن الجارود فمتكلم فيه، ولكن يعتبر بحديثه في المتابعات، وقد توبع كما سيأتي في التخريج، والله أعلم.

التخريج:
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (كتاب الطهارة-باب ذكر المرأة تمس فرج زوجها أو الزوج يمس فرجها-١/ ٢١٠ - ح ١٠٤) والدارقطني في السنن (كتاب الطهارة- باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر والحكم في ذلك-١/ ٢٦٨ - ح ٥٣٤) والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب الطهارة-باب الوضوء من مس المرأة فرجها-١/ ٢١٠ - ح ٦٣٧، ٦٣٨) كلهم من طريق بقية به.
وقال البخاري: «حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي مَسِّ الذَّكَرِ هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ». [الترمذي، العلل الكبير، ط ١، (٥٥)].
وقال الذهبي: «إسناده قوي، رواه جماعة عن بقية». [الذهبي، التنقيح، ط ١، (١/ ٦٠)]
وقد تُوبِع أحمد بن الفرج، فتابعه كل من:
- إسحاق بن راهويه كما عند الطبراني في مسند الشاميين (٣/ ٧٦) (ح ١٨٣١).
-حيوة بن شريح كما في الطيوريات (٣/ ١٠٥٦) (ح ٩٨٧).
- عبد الجبار بن محمد الخطابي كما عند أحمد في المسند (١١/ ٦٤٧) (ح ٧٠٧٦).
- هشام بن عبد الملك اليزني.
- الخطاب بن عثمان الفوزي الطائي كلاهما عند الطحاوي في شرح المعاني (كتاب الطهارة- باب مس الفرج هل يجب فيه الوضوء أم لا-١/ ٧٥ - ح ٤٥٤).
وبقية بن الوليد استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له مسلم في المتابعات، وكلام من تكلم فيه من وجوه:
أولها: روايته المناكير عن الضعفاء فإذا روى عن الثقات فيُقبل حديثُه كما قال أحمد وابن معين وأبي زرعة وغيرهم [انظر: المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٤/ ١٩٦)]، وهو هنا يروي عن الزبيدي وهو ثقة ثبت من كبار أصحاب الزهري روى له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، إلا أنه قد جاء عن أحمد أنه قال عن بقية: «توهمت أن بقية لا يحدث المناكر إلا عن المجاهيل فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير، فعلمت من أين أتي» [انظر: ابن حبان، المجروحين، ط ١، (١/ ٢٠٠)]، وتعقَّب ابنُ حبان قائلا: «لم ينْسبهُ [كذا في المطبوع!، ولعلها: يسْبُرهُ] أَبُو عَبْد اللَّهِ رَحمَه اللَّه وَإِنَّمَا نظر إِلَى أَحَادِيث مَوْضُوعَة رويت عَنْهُ عَن أَقوام ثِقَات فأنكرها ولعمري إِنَّه مَوضِع الْإِنْكَار وَفِي دُونَ هَذَا مَا يسْقط عَدَالَة الإِنْسَان فِي الْحَدِيث وَلَقَد دخلت حمص وَأكْثر همي شَأْن بَقِيَّة فتتبعت حَدِيثه وكتبت النّسخ عَلَى الْوَجْه وتتبعت مَا لَمْ أجد بعلو من رِوَايَة القدماء عَنْهُ فرأيته ثِقَة مَأْمُونا وَلكنه كَانَ مدلسا سمع من عبيد اللَّه بْن عُمَر وَشعْبَة وَمَالِك أَحَادِيث يسيرَة مُسْتَقِيمَة ثُمَّ سمع عَن أَقوام كَذَّابين ضعفاء متروكين عَن عبيد الله بن عمر وَشعْبَة وَمَالِك مثل المجاشع بْن عَمْرو وَالسري بْن عَبْد الحميد وَعمر بن مُوسَى المثيمي وأشباههم وأقوام لَا يعْرفُونَ إِلَّا بالكنى فروى عَن أولئك الثِّقَات الَّذِينَ رَآهُمْ بالتدليس مَا سمع من هَؤُلاءِ الضُّعَفَاء وَكَانَ يَقُول قَالَ عبيد اللَّه بْن عُمَر عَن نَافِع وَقَالَ مَالِك عَن نَافِع كَذَا فحملوا عَن بَقِيَّة عَن عبيد اللَّه وَبَقِيَّة عَن مَالِك وَأسْقط الواهي بَينهمَا فالتزق الْمَوْضُوع بِبَقِيَّة وتخلص الْوَاضِع من الْوسط وَإِنَّمَا امتحن بَقِيَّة بتلاميذ لَهُ كَانُوا يسقطون الضُّعَفَاء من حَدِيثه ويسوونه فالتزق ذَلِكَ كُله بِهِ» [ابن حبان، المجروحين، ط ١، (١/ ٢٠٠)]
الثاني: تدليسه كما قال ابن معين ويعقوب بن شيبة والنسائي وغيرهم [انظر: المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٤/ ١٩٦)]، ولكنه في هذا الحديث قد صرح بالتحديث عن الزبيدي كما عند المصنف من رواية أحمد بن الفرج، وقد توبع كما تقدم، وصرح بتحديث الزبيدي عن عمرو بن شعيب كما عند المصنف من رواية ابن الفرج، والحازمي [الاعتبار، ط ١، (ص ٤٢)] من رواية إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، و أبو تقي هشام بن عبد الملك كما عند الحسن بن رشيق [جزء ابن رشيق، ط ١، (ص ٦٩ ح ٥٧)]، ولكن وصف الأئمة لـ «بقية» بالتدليس على العموم دائر بين تدليس الإسناد وتدليس الشيوخ إلا ما جاء في كلام الخطيب البغدادي ومن تبعه، حيث وسمه بتدليس التسوية، وإن كان حدث تدليس التسوية في حديثه، لكن أشار ابن حبان في كلامه السابق الذكر في المجروحين أنه تبين له بعد سبره لمرويات بقية أن تدليسه من تلاميذه وليس منه، كما أن البخاري استشهد به، وذكره مسلم في المتابعات، وفي الحديث تحديثه عن الزبيدي مع لفظ العنعنة بين الزبيدي ونافع، مع أن مسلما أشار إلى تدليسه في مقدمة صحيحه [مسلم، الصحيح، ط ١، (١/ ٢٦)].
الثالث: روايته عن غير أهل بلده، قال عنه ابن المدينى: صالح فيما روى عن أهل الشام، وأما عن أهل الحجاز والعراق فضعيف جدا [مغلطاي، إكمال تهذيب الكمال، ط ١، (٣/ ٨)]، وأشار إلى هذا المعنى ابنُ عدي [ابن عدي، الكامل، ط ١، (٢/ ٢٧٦)]، وشيخه في هذا الحديث محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي وهو شامي، فبذلك ترتفع العلل المتعلقة بـ «بقية»، والعلم عند الله تعالى.
أما رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فالحق أنها محتج بها، وهي لا تنزل عن درجة الحسن لذاته؛ لأن عمرًا صدوق كما قال الحافظ في التقريب، ومما يدل على صحة الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قول البخاري: «رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَعَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُمَيْدِيَّ وَإِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَشُعَيْبٌ قَدْ سَمِعَ مِنَ جَدِّهِ» [الترمذي، العلل الكبير، ط ١، (ص ١٠٨) (١٨٦)]، والعلم عند الله تعالى.
وقد أجاب الحازمي على علل هذا الحديث، وذهب إلى صحته. [انظر: الحازمي، الاعتبار، ط ١، (ص ٤٢)]
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (٩/ ٤٧٤) برقم (١١٧٠٣)].

<<  <   >  >>