للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا وُضُوءَ إِلَاّ مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ (١).


(١) رجال الإسناد
محمد بن يحيى: وهو ابن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي، شيخ المصنف وقد أكثر عنه جدا، ثقة حافظ جليل، روى عن عبد الرحمن بن مهدي وابن المديني ووهب بن جرير، وروى عنه المصنف وأصحاب الكتب الستة إلا مسلما. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٦/ ٦١٧)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٩/ ٥١١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥١٢ رقم ٦٣٨٧)].
إبراهيم بن مرزوق: وهو ابن دينار الأموي، شيخ المصنف، ثقة عمى قبل موته فكان يخطئ ولا يرجع، روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث ووهب بن جرير، وروى عنه المصنف وسماعه منه متقدم، والنسائي وابن أبي حاتم والطحاوي وأبو عوانة الإسفراييني. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٦/ ٦١٧)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ١٦٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٩٤ رقم ٢٤٨)].
وهب بن جرير: وهو ابن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي، ثقة، روى عن هشام الدستوائي وشعبة بن الحجاج، وروى عنه المصنف وابن المديني وابن معين. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣١/ ١٢١)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ١٦٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٨٥ رقم ٧٤٧٢)].
شعبة: وهو ابن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم الأزدي، ثقة حافظ متقن، روى عن الأعمش وسهيل بن أبي صالح، وروى عنه وهب بن جرير ويحيى بن سعيد القطان. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٢/ ٤٧٩)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٤/ ٣٤٥)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٢٦٦ رقم ٢٧٩٠)].
سهيل بن أبي صالح: وهو سهيل بن أبي صالح: ذكوان السَّمَّان المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى عن عبد الله بن دينار والزهري وأبيه أبي صالح السمان، وروى عنه إسماعيل ابن علية وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشعبة بن الحجاج. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٢/ ٢٢٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٤/ ٢٦٤)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٢٥٩ رقم ٢٦٧٥)].
أبو صالح: وهو ذكوان السَّمَّان المدني، ثقة ثبت، روى عن سعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وروى عنه الأعمش والزهري وابنه سهيل. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٨/ ٥١٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٣/ ٢٢٠)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٢٠٣ رقم ١٨٤١)].
أبو هريرة: وهو الصحابي الجليل حافظ الصحابة، وقد اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، والأشهر أن اسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني رضي الله عنه، بناء على ما جزم به ابن إسحاق، ورواه مرسلا عن أبي هريرة [ابن إسحاق، السير، ط ١، (ص ٢٨٦)]، ورجح البخاري أن اسمه عبد الله بن عمرو [انظر: الترمذي، السنن، ط ١، (١/ ٦) بعد حديث:٢)] روى عنه ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك رضي الله عنهم، وأبو صالح السمان. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٤/ ٣٦٦)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٢/ ٢٦٦)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦٨٠ رقم ٨٤٢٦)].
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه علة سيأتي بيانها في التخريج إن شاء الله تعالى.

التخريج:
أخرجه أحمد في المسند (١٥/ ١٨٠) (ح ٩٣١٣)، والترمذي في السنن (كتاب الطهارة- باب ما جاء في الوضوء من الريح- ١/ ١٠٩ - ح ٧٤) وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها- باب لا وضوء إلا من حدث- ١/ ١٧٢ - ح ٥١٥) كلهم من طريق شعبة به هكذا مختصرا.
وهذا الإسناد ظاهره الصحة، إلا أن فيه علة خفية قادحة:
قال ابن أبي حاتم [العلل، ط ١، (١/ ٥٦٤) (١٠٧)]: «وسمعت أبي وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:لا وضوء إلا من صوت أو ريح، قال أبي: هذا وَهَمٌ؛ اختصر شعبةُ متنَ هذا الحديثِ؛ فقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: إذا كان أحدكم في الصلاة، فوجد ريحا من نفسه؛ فلا يخرجن حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا».
وأعله بهذا أيضا ابن خزيمة [الصحيح، ط ١، (١/ ١٨)]، والبيهقي [السنن الكبرى، ط ١، (١/ ١١٧)].
وقد تعقب ابنُ التركمانيِّ، فقال: «لو كان الحديث الأول مختصرا من الثاني لكان موجودا في الثاني مع زيادة، وعموم الحصر المذكور في الأول ليس في الثاني بل هما حديثان مختلفان» [ابن التركماني، الجوهر النقي، ط ١، (١/ ١١٧)، وانظر: ابن الملقن، البدر المنير، ط ١، (٢/ ٤٢٠)].
قال الشيخ الحويني [غوث المكدود، ط ١، (١/ ١٧)]: «ولعل ما جنح إليه ابن التركماني يكون صوابا، وقد كان شعبة يعطي المتن اهتماما بالغا، قال الدارقطني في العلل: (كان شعبة يخطئ في أسماء الرجال كثيرا لتشاغله بحفظ المتون)، قال الشوكاني في النَّيْل (١/ ٢٣٦): (وشعبة إمام حافظ واسع الرواية وقد روى هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر ودينه وإمامته ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم ... )».
قلت: والأصح-والله أعلم- أن شعبة اختصر الحديث بالمعنى ووهم فيه، ومما يؤيد هذا القولَ أن أصحاب سهيل رووا القصَّةَ بتمامها؛ فقد أخرج مسلم في الصحيح (كتاب الحيض- باب الدليل على أن من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك-١/ ٢٧٦ - ح ٣٦٢) من طريق جرير عن سهيل به، بلفظ: (إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ؛ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا).
وأخرجه أحمد في المسند (١٥/ ٢٠٨) (٩٣٥٥) وأبو داود في السنن (كتاب الطهارة- باب إذا شك في الحدث- ١/ ٤٥ - ح ١٧٧) من طريق حماد بن سلمة عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه الترمذي في السنن (كتاب الطهارة- باب ما جاء في الوضوء من الريح- ١/ ١٠٩ - ح ٧٥) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه ابن خزيمة في الصحيح (كتاب الوضوء- باب ذكر الخبر المتقصي للفظة المختصرة- ١/ ١٦ - ح ٢٤) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه أبو عوانة في المسند (مبتدأ كتاب الطهارة- باب إيجاب الوضوء من الريح-١/ ٢٢٤ - ح ٧٤١) من طريق زهير بن معاوية، عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٢/ ١٥٧) (ح ١٥٦٥) من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب البجلي، عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب الطهارة- باب لا يزول اليقين بالشك-١/ ٢٤٩ - ح ٧٥٠) من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، عن سهيل به، بنحوه.
وأخرجه كذلك (السنن الكبرى، كتاب الصلاة- باب من أحدث في صلاته قبل الإحلال منها بالتسليم-٢/ ٣٦٠ - ح ٣٣٧٥) من طريق على بن عاصم بن صهيب الواسطي (إلا أنه متكلم فيه)، عن سهيل به، بنحوه.
كما أن شعبة نفسه رواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «لا ينصرف أحدكم من الصلاة حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا» كما عند أبي يعلى [المعجم، ط ١، (ص ٥١) (ح ٢٠)].
وحديث الباب ينفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي والودي إلا من صوت أو ريح، وهو يخالف ما جاء فيما سبق ذكره.
وقال ابن حجر [الفتح، ط ١، (١/ ٢٨٢)]: «فكأنه قال: لا وضوء إلا من ضراط أو فساء، وإنما خصهما بالذكر دون ما هو أشد منهما لكونهما لا يخرج من المرء غالبا في المسجد غيرهما، فالظاهر أن السؤال وقع عن الحديث الخاص وهو المعهود وقوعه غالبا في الصلاة».
قلت: وكلام الحافظ -رحمه الله- قوي ووجيه، ولعل رواية شعبة إجابة لسؤال عن الحدث في المسجد حال الشك، بنحو ما سُئل عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب بجواب النبي -عليه الصلاة والسلام- مُختصِرا القصةَ، وقد وقع ذلك للسائب بن خباب!؛ فقد روى أحمد في المسند (٢٤/ ٢٦٥) (ح ١٥٥٠٦) وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها- باب لا وضوء إلا من حدث-١/ ١٧٢ - ح ٥١٦) وغيرهما بإسناد فيه ضعف أَن مُحَمَّد بنَ عَمْرو بنِ عَطاء قَالَ: رَأَيْت السَّائِب يشم ثَوْبه، فَقلت لَهُ فَلم ذَلِك؟، قَالَ: لِأَنِّي سَمِعتُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَقُول: «لا وضوء إِلَّا من ريحأَو سَماع».
وقال ابن خزيمة [الصحيح، ط ١، (١/ ١٦)] بعد ذكره لرواية شعبة: «وكانت هذه المقالة عنه صلى الله عليه وسلم: لا وضوء إلا من صوت، أو ريح جوابا عما عنه سئل فقط لا ابتداء كلام مسقطا بهذه المسألة إيجاب الوضوء من غير الريح التي لها صوت أو رائحة، إذ لو كان هذا القول منه صلى الله عليه وسلم ابتداء من غير أن تقدمته مسألة كانت هذه المقالة تنفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي، إذ قد يكون البول لا صوت له ولا ريح، وكذلك النوم والمذي لا صوت لهما ولا ريح، وكذلك الودي»، ثم ذكر ابنُ خزيمة حديثَ خالد بن عبد الله الواسطي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وجد أحدكم ... ) ويُفهم من سرده أنه لا يشكل خبر شعبة المختصر على خبر غيره المتقصي.
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (١٤/ ٤٨٢) برقم (١٨٠٥٤)]، وأشار إلى أنه مختصر.

<<  <   >  >>