للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣١ - (٣٤) حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ –يَعْنِي: ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ-، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ أَوْ نَسْتَقْبِلَهَا بِفُرُوجِنَا إِذَا أَهْرَقْنَا الْمَاءَ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (١).


(١) رجال الإسناد:
أبو الأزهر أحمد بن الأزهر: وهو أحمد بن الأزهر بن منيع بن سليط بن إبراهيم، أبو الأزهر العبدي مولاهم النيسابوري، صدوق كان يحفظ ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه، روى عن أبي عاصم النبيل وعبد الله بن الزبير الحُمَيْدِي وابن نمير ويعقوب ابن إبراهيم بن سعد الزهري، وروى عنه المصنف والبخاري في غير الصحيح ومسلم كذلك في غير الصحيح والنسائي وابن ماجه وأبو حاتم الرازي وأبو زرعة الرازي والدارمي وابن خزيمة وأبو عوانة الإسفراييني وابن جرير الطبري. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١/ ٢٥٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ١١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٧٧ رقم ١)].
يعقوب بن إبراهيم بن سعد: وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري أبو يوسف المدني، ثقة فاضل، روى عن أبيه إبراهيم، وشعبة والليث بن سعد وشريك النخعي، وروى عنه أحمد بن حنبل وابن راهويه وابن معين والذهلي وأحمد بن الأزهر. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٢/ ٣٠٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ٣٨٠)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦٠٧ رقم ٧٨١١)].
إبراهيم بن سعد: وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، أبو إسحاق المدني، ثقة حجة تُكُلِّمَ فيه بلا قادح، روى عن، وروى عنه. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢/ ٨٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ١٢١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٨٩ رقم ١٧٧)].
ابن إسحاق: وهو محمد بن إسحاق بن يسار المدني، القرشي المطلبي مولاهم نزيل العراق، إمام المغازي والسير، صدوق يُدَلِّسُ، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له مسلم في المتابعات، روى عن أبيه إسحاق، وأبان بن صالح وأيوب السختياني والزهري وهشام بن عروة، وروى عنه إبراهيم بن سعد الزهري وشعبة والثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٤/ ٤٠٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٩/ ٣٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٦٧ رقم ٥٧٢٥)].
أبان بن صالح: وهو أبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي مولاهم، أبو بكر المدني، وقيل: المكي، ثقة، روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز ومجاهد بن جبر ونافع مولى ابن عمر، وروى عنه ابن جريج ومحمد بن إسحاق ابن يسار والحارث بن يعقوب بن ثعلبة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢/ ٩)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٩٤)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٨٧ رقم ١٣٧)].
مجاهد بن جبر: وهو مجاهد بن جَبْر المكي، أبو الحجاج القرشي المخزومي مولاهم، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، روى عن جابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وسراقة بن مالك وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، وروى عنه أبان بن صالح وأيوب السختياني والأعمش. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٧/ ٢٢٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٠/ ٤٢)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٢٠ رقم ٦٤٨١)].
جابر بن عبد الله: رضي الله عنهما، وقد تقدم.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أحمد بن الأزهر ومحمد بن إسحاق فهما صدوقان، فيكون الحديث حسنا، والله تعالى أعلم.

التخريج:
أخرجه أحمد في المسند (٢٣/ ١٥٧) (ح ١٤٨٧٢) أبو داود في السنن (كتاب الطهارة-باب الرخصة في ذلك-١/ ٤ - ح ١٣) والترمذي في السنن (كتاب الطهارة-باب ما جاء من الرخصة في ذلك-١/ ١٥ - ح ٩) وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها-باب الرخصة في ذلك-١/ ١١٧ - ح ٣٢٥) كلهم عن محمد بن إسحاق به.
وقال الترمذي: «حديث جابر في هذا الباب حديث حسن غريب»، ثم ذكر حديثا بعد حديث الباب من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر عن أبي قتادة رضي الله عنهما، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة، ثم قال: «وحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح من حديث ابن لهيعة».
وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال: « ... ، رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق» [الترمذي، العلل الكبير، ط ١، (ص ٢٣) رقم (٥)]، ويظهر أن ثم سقطا في العبارة؛ فقد نقل البيهقي عن الترمذي قوله: «سألت محمداً (يعني: البخاري) عن هذا الحديث (يعني: حديث جابر)؟ فقال: (هذا حديث صحيح، ورواه غير واحد عن محمد بن إسحاق)»، [البيهقي، الخلافيات، ط ١، (٢/ ٦٨)]، إلا أنني لم أجد في العلل الكبير المطبوع كلمة حديث صحيح، فراجعت نسخته الخطية (مخطوط أحمد الثالث، ق ٣/أ)، فوجدتها كما في المطبوع، لكن وجدت في الهامش: «وهو صحيح، كذا ذكره البيهقي عن الترمذي عن البخاري»!، ولم يعقب على هذا من تصدى لتحقيق كتاب العلل الكبير حتى رسالة الماجستير من الباحث حمزة ذيب، والتي طبعت بدار الأقصى–عمَّان سنة ١٤٠٦، والله أعلم.
وقال الحافظ مغلطاي: «وذكر البيهقي في كتاب الخلافيات وأبو الحسن الخزرجي في تقريب المدارك وعبد الحق الأشبيلي أنّ الترمذي سأل البخاري عن حديث ابن إسحاق هذا، فقال: (هذا حديث صحيح)، كذا ذكروه عنه، والذي في نسختي من كتاب العلل: سألت محمد عن هذا الحديث، فقال: رواه غير واحد عن ابن إسحاق فقط، فلعله سقط منها شيء». [مغلطاي، شرح ابن ماجه، ط ١، (١/ ١٨٥، ١٨٦)]
قلت: ونسخته هي نسخة أحمد الثالث؛ إذ وجدت عليه تملكه لها، ويظهر أن المكتوب في الهامش هو بخطه، والله أعلم!، وأظن أن للكتاب نسخة أخرى بمكتبة ولي الدين أفندي برقم ٧٧٠، باسم «العلل في الحديث» في ٢٠٠ ورقة، وقد نسبت للترمذي، ولم أظفر بها بعد لأتحقق، بينما تأكدت من عدم ثبوت نسخ أخرى منسوبة للترمذي في مكتبات أخرى، والله المستعان!
وأخرجه البزار في المسند بنفس إسناد الترمذي، ثم قال: «وهذا حديث لا نعلمه يروى عن جابر بهذا اللفظ بإسناد أحسن من هذا الإِسناد» [انظر: مغلطاي، شرح ابن ماجه، ط ١، (١/ ١٨٥)، ومسند جابر بن عبد الله من مسند البزار مفقود إلى الآن، ولم يصلنا منه إلا حديث واحد، ولم أجده في كشف الأستار للهيثمي ولا مختصره لابن حجر]
وقد نقل ابن عبد البر تضعيف الإمام أحمد للحديث، فقال: «ورَدَّ أحمدُ بنُ حنبلٍ حديثَ جابر ... ، وضعَّف حديثَ جابر». [ابن عبد البر، التمهيد، ط ١، (١/ ٣٠٩)]
وتعقبه مُغُلْطَاي بقوله: «قوله: (ردّه أحمد):إن أراد رد العمل به فمعروف عنه، وإن أراد الردّ الصناعي [أي من جهة الرواية] فغير صحيح؛ لثبوته في مسنده، لم يضرب عليه ولم ينزعه منه، كعادته فيما ليس بصحيح عنده أو مردود، بيَّن ذلك أبو موسى المديني عنه». [مغلطاي، شرح ابن ماجه، ط ١، (١/ ١٨٦، ١٨٧)].
قلت: ومذهب الإمام أحمد جواز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان دون الفضاء، وقد نُقلت عنه روايات أخرى [ابن مفلح، الفروع، ط ١، (١/ ١٢٥)، المرداوي، الإنصاف، ط ١، (١/ ١٠٠:١٠٢)]، وأما التضعيف فلعله فُهِم من كلام الإمام أحمد في رواية الأثرم: «أحسن ما في الرخصة حديث عائشة، وإن كان مرسلا، فإن مخرجه حسن» [انظر: ابن عبد البر، التمهيد، ط ١، (١/ ٣٠٩)]، قلت: وحديث عائشة أخرجه أحمد في المسند (٤١/ ٥١٠) (ح ٢٥٠٦٣)، وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها-باب الرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحاري-١/ ١١٧ - ح ٣٢٤)، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بخلائه أن يستقبل به القبلة لما بلغه أن الناس يكرهون ذلك.
قلت: ولا ينفي ذلك الحُسْنَ عن غيره من أحاديث الرخصة، والله أعلم.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم» [المستدرك، ط ١، (١/ ٢٥٧)]، وسكت الذهبي عنه في التلخيص [الذهبي، تلخيص المستدرك، ط ١، (١/ ١٥٥)].
قلت: وليس كذلك؛ فمسلم لم يحتج بمحمد بن إسحاق إنما أخرج له في المتابعات، وأبان بن صالح لم يخرج له مسلم شيئا، لكن أخرج له البخاري تعليقا. [وانظر: مغلطاي، إكمال تهذيب الكمال، ط ١، (١/ ١٦٠)].
وقد ضعَّف ابنُ عبد البر هذا الحديثَ، فقال: «وليس حديث جابر بصحيح عنه فيُعَرَّجُ عليه؛ لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف» [ابن عبد البر، التمهيد، ط ١، (١/ ٣١٢)]، وقال ابن حزم عن أبان بن صالح: «وليس بالمشهور»! [ابن حزم، المحلى، ط ١، (١/ ١٩٢)]، وقال أيضا: «وأبان بن صالح ليس بالقوي» [ابن حزم، المحلى، ط ١، (٥/ ١٣٦)]، قلت: قال ابن حجر: «وهذه غفلة منهما وخطأ تواردا عليه، فلم يضعف أبان هذا أحد قبلهما ويكفي فيه قول ابن معين ومن تقدم معه» [ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٩٥)]، وقال أيضا: «وقال الذهبي في مختصر التهذيب: (ما رأيت أحدا ضعَّف أبانَ بنَ صالح)، وكأنه لم يقف على قول ابن عبد البر في التمهيد لما ذكر حديث جابر في استقبال قاضي الحاجة القبلة من رواية أبان بن صالح المذكور: (هذا ليس صحيحا؛ لأن أبان بن صالحضعيف) كذا قال، وكأنه التبس عليه بأبان بن أبي عياش البصري صاحب أنس فإنه ضعيف باتفاق، وهو أشهر وأكثر حديثا ورواة من أبان بن صالح، ولهذا لما ذكر ابن حزم الحديث المذكور عن جابر قال: (أبان بن صالحليس بالمشهور)، قلت: ولكن يكفي توثيق بن معين ومن ذكر له» [ابن حجر، الفتح، ط ١، (٩/ ٢٣٩)]، وقد ضعفه المزي! عند ذكره لحديث عن صفية العبدرية، فقال: «لو صحهذا الحديث لكان صريحا في سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في إسناده أبان بن صالح، وهو ضعيف» [المزي، تحفة الأشراف، ط ١، (١١/ ٣٤٣)]، ولم يشر المزي إلى تضعيفه في تهذيب الكمال!، وتعقبه العراقي، فقال: «وهذا وَهَمٌ منه» [العراقي، ذيل ميزان الاعتدال، ط ١، (ص ٥٠)]، ولم يتعقب الحافظ ابنُ حجر في النكت الظراف كلام المزي، ولكن تعقبه في الفتح، فقال: «قال المزي: (لو صح هذا لكان صريحا في صحبتها لكن أبان بن صالح ضعيف) كذا أطلق هنا، ولم ينقل في ترجمة أبان بن صالح في التهذيب تضعيفه عن أحد، بل نقل توثيقه عن يحيى بن معين وأبي حاتم وأبي زرعة وغيرهم» [ابن حجر، الفتح، ط ١، (٩/ ٢٣٩)]، وقال أيضا: «وثقه الجمهور ويحيى بن معين وأبو حاتم وغيرهم من النقاد، وشَذَّ ابنُ عبد البر فقال: ضعيف» [ابن حجر، الفتح، ط ١، (١/ ٤٥٦)]، وأبان ابن صالح هو ابن عمير بن عبيد القرشي، الذي وثقه ابن معين [ابن معين، التاريخ رواية الدارمي، ط ١، (ص ٧١) رقم (١٤٩)] ويعقوب بن شيبة وأبو حاتم وأبو زرعة [ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، ط ١، (٢/ ٣٩٧)] والعجلي [الثقات، ط ١، (١/ ١٩٨) رقم (١٤)]، وقال أحمد بن حنبل [أبو داود، السؤالات، ط ١، (ص ٣٠١) رقم (٣٦٧)]: «ما أرى به بأسًا»، وقال النسائي [انظر: المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢/ ١١)]: «ليس به بأس»، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات، د. ط، ٦/ ٦٧)]، وأخرج في له الصحيح (كتاب الطهارة-باب الاستطابة-٤/ ٢٦٨ - ح ١٤٢٠) حديث الباب من طريقه، وقال مسلمة بن قاسم: «ثقة» [مغلطاي، إكمال تهذيب الكمال، ط ١، (١/ ١٦١)]، وقال الذهبي: «حجازي ثقة ورع كبير القدر». [الذهبي، تاريخ الإسلام، ط ١، (٣/ ٢٠٧)].
والصواب والعلم عند الله تعالى أن الحديث حسن، ويشهد له الحديث السابق (٣٠)، والآتي (٣٢)
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (٣/ ٣١٣) برقم (٣٠٩٢)].

<<  <   >  >>