للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧ - (٤٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ -يَعْنِي: ابْنَ سَلَمَةَ-، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ -هُوَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ-، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَجُلاً مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُهْرِيقُ الْمَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَنِي هَكَذَا فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ لَا أَرُدُّ عَلَيْكَ السَّلَامَ (١).


(١) رجال الإسناد:
محمد بن يحيى: وهو الذهلي، وقد تقدم.
عبد الله بن رجاء: عبد الله بن رجاء بن عمر الغُدَانِيّ البصري، قال الحافظ ابن حجر: «صدوق يهم قليلا»، ومثله يستحق مرتبة أولى من ذلك؛ فقد روى عنه البخاري في الصحيح احتجاجا في أكثر من موضع، وروى عنه كذلك بواسطة، وقد أشار إلى توثيقه جماعة منهم: أبو حاتم وأبي زرعة الرازيان وابن المديني والنسائي والفسوي وابن حبان، والخلاف فيه من قبل ابن معين والفلاس، فمرة قال ابن معين: «كان شيخا صدوقا، لا بأس به» [ابن معين، التاريخ رواية الدارمي، ط ١، (ص ١٨١) (٦٥٢)]، وقال في موضع آخر: «عبد الله بن رجاء، الذي كان بمكة: رجل صدوق، والذي كان بالبصرة: كثير التصحيف، وليس به بأس». [الصيرفي، السؤالات، ط ١، (ص ١٥) (٥٢)]، ونقل ابن حجر من رواية الدوري عن ابن معين، أنه قال: «ليس من أصحاب الحديث» [ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٥/ ٢٠٩)]، ولم أجده في المطبوع من تاريخ الدوري عن ابن معين!، وقال الفَلَّاس: «عبد الله بن رجاء البصري صدوق، وهو كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة». [ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، ط ١، (٥/ ٥٥)]، وقد رمز له ابن حجر في لسان الميزان [(٩/ ٣٣٨) رقم (١٣٥٣)] برمز «صح»، أي: هو عند ابن حجر ممن تكلم فيه بلا حجة، وذكره الذهبي في كتابه من تكلم فيه وهو موثق [(ص ١٠٨) رقم (١٧٩)] وكذا كتابه (الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم) [(ص ١١٥) رقم (٤٧)]، روى عن شعبة وحماد بن سلمة وشريك النخعي وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام، روى عنه البخاري وأبو حاتم الرازي والذهلي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٤/ ٤٩٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٥/ ٢٠٩)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٣٠٢ رقم ٣٣١٢)].
سعيد بن سلمة: وهو سعيد بن سلمة بن أبى الحسام القرشي العدوي مولاهم، أبو عمرو المدني السدوسي، مولى عمر بن الخطاب، صدوق صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه، روى له البخاري حديثا واحد معلقا في الصحيح، ومسلم في الصحيح حديثا واحدا محتجا به، روى عن هشام بن عروة وزيد بن أسلم وأبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وروى عنه. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (١٠/ ٤٧٧)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٤/ ٤١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٢٣٦ رقم ٢٣٢٦)].
أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: وهو القرشي العدوي المدني، ثقة، روى عن سالم بن عبد الله بن عمر ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وعباد بن تميم، وروى عنه أخوه عاصم بن عمر، ومالك بن أنس وسعيد بن سلمة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٣/ ١٢٦)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٢/ ٣٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦٢٤ رقم ٧٩٨٤)].
نافع: أبو عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ثقة ثبت فقيه مشهور، روى عن ابن عمر ورافع ابن خديج وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم، وروى عنه عبد الله بن دينار وجرير بن حازم والأعمش وأبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٩/ ٢٩٨)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٠/ ٤١٢)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٥٩ رقم ٧٠٨٦)].
عبد الله بن عمر: وهو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وقد تقدم.
وهذا إسناد حسن في ظاهره، ولكنه معلٌّ كما سيأتي.

التخريج:
أخرجه البزار في المسند (١٢/ ٢٤٢) (ح ٥٩٨٤)، والسراج في المسند (ص ٤١) (ح ٢١)، وابن بشران في الأمالي (١/ ١٢١) (ح ٢٥٥)، من طريق عبد الله بن رجاء، به، بنحوه، بزيادة فيه: « ... فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا رَدَدْتُ عَلَيْكَ السَّلامَ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ: سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَإِذَا رَأَيْتَنِي هَكَذَا».
وأخرجه الشافعي في المسند (١/ ٤٤ - ترتيب السندي) (ح ١٣٣)، ومن طريقه البيهقي في المعرفة (١/ ٣٢٧) (٧٨٨)، عن إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن به، بنحوه، وزاد فيه: « ... فردَّ عليه السلام فلما جاوزه ناداه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول إني سلمت على رسول الله فلم يرد على فإذا رأيتني هكذا .... »، وإبراهيم بن محمد هذا متروك، كما قال ابن حجر [التقريب (ص ٩٣) رقم (٢٤١)].
ويظهر أن الزيادة المذكورة اختصرها الذهلي كما عند المصنف، والعلم عند الله تعالى.
وأخرج أبو داود في السنن (كتاب الطهارة-باب التيمم في الحضر-١/ ٩٠ - ح ٣٣٠) من طريق محمد بن ثابت العبدي، عن نافع، به، وفيه: «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَارَى فِي السِّكَّة ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ وَمَسَح بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَح ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ، وَقَالَ: (إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ)».
ثم قال أبو داود: «سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: (رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ حَدِيثًا مُنْكَرًا فِي التَّيَمُّمِ)».
وقال أيضا: «لم يُتَابَعْ محمدَ بنَ ثابت في هذه القصةِ على (ضربتين) عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعلَ ابنِ عمرَ».
وأخرج أبو داود كذلك في السنن (كتاب الطهارة-باب التيمم في الحضر-١/ ٩٠ - ح ٣٣١) من طريق حيوة بن شريح عن ابن الهاد، عن نافع، به، وفيه: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الغَائِطِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ عِنْدَ بِئْرِ جَمَلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-حتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْحَائِطِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ، ثُمَّ مَسَح وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ»، ليس فيه ذكر (الضربتين)، وإسناده صحيح، وفيه استحباب التسليم مع الطهارة، وقد ورد هذا المعنى عند البخاري في الصحيح [(كتاب التيمم-باب التيمم في الحضر، إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة-١/ ٧٥ - ح ٣٣٧)] ومسلم في الصحيح [(كتاب الحيض-باب التيمم-١/ ٢٨١ - ح ٣٦٩ معلقا)]، فعن أبي الجهيم الأنصاري، قال: «أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام».
ولحديث الباب شاهد عند ابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها-باب الرجل يسلم عليه وهو يبول-١/ ١٢٦ - ح ٣٥٢) من طريق هاشم بن البَرِيْد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، وفيه: «أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتني على مثل هذه الحالة، فلا تسلم علي، فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك)»، والحديث قد اختلف فيه على ابن البريد في إسناده ومتنه، ولم يروه أحد عن ابن عقيل إلا هو، فلا يصلح مثله شاهدا، والله أعلم. [انظر العلل لابن أبي حاتم (٦٨)، والكامل لابن عدي (٨/ ٤٢٠)].
قلت: وحديث الباب معل بما جاء عند مسلم في الصحيح (كتاب الحيض-باب التيمم-١/ ٢٨١ - ح ٣٧٠)، وهو الحديث الآتي، من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعا، بلفظ: « ... فسلم، فلم يرد عليه السلام»، فتنبه!
قال البيهقي [المعرفة، ط ١، (١/ ٣٢٧)]: «كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ [يقصد حديث الباب]، وَالصَّحِيح عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ».
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ١٣٢): «ولكن حديث مسلم أصح؛ لأنه من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، والضحاك أوثق من أبي بكر ... »، وأقره ابن القطان على التضعيف [بيان الوهم، ط ١، (٥/ ٦٥٨)].
قلت: والظاهر أنهما حديثان مختلفان لوجود الزيادة الطويلة في الحديث الأول وهي ليست في الثاني فلا يُعقل أن يأتي أبو بكر بكل هذه الزيادة من عند نفسه، رغم أنه لا تعارض بينهما فالأصل ألا يُرد السلام في حالة الخلاء ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد عليه وعلل ذلك بما خشي منه وأمره بألا يعود ...
والعلة في كونه -صلى الله عليه وسلم- لم يُسَلِّم أنه كره أن يذكر الله على غير طهارة؛ فقد جاء عند أبي داود في السنن (كتاب الطهارة-باب أيرد السلام وهو يبول؟ -١/ ٥ - ح ١٧) والنسائي في السنن (كتاب الطهارة-باب رد السلام بعد الوضوء-١/ ٣٧ - ح ٣٨) وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها-باب الرجل يسلم عليه وهو يبول-١/ ١٢٦ - ح ٣٥٠) من حديث الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ». وإسناده صحيح.
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (٩/ ٣٨٣) برقم (١١٥٠٢)].

<<  <   >  >>