كتاب المنتقى - ابن الجارود - قسم من أوله

القول عند الخروج من الخلاء - ص: 63

٤٢ - (٤٥) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ قَالَ: غُفْرَانَكَ (١).

---

(١) رجال الإسناد:
إسحاق بن منصور: وهو الكوسج، وقد تقدم.
هاشم بن القاسم: وهو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي مولاهم البغدادي، ويقال: التميمي، الخراساني، أبو النضر، ولقبه: قيصر، ثقة ثبت، (وهو غير هاشم بن القاسم بن شيبة بن إسماعيل بن شيبة القرشي، أبو محمد الحراني، مولى قريش)، روى عن شعبة والليث بن سعد وابن أبي ذئب وإسرائيل بن يونس، وروى عنه أحمد وابن معين وابن المديني وإسحاق بن راهويه وإسحاق بن منصور. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٠/ ١٣٠)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ١٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٧٠ رقم ٧٢٥٦)].
إسرائيل: وهو إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي، ثقة تُكُلِّمَ فيه بلا حجة، روى عن جده أبي إسحاق السبيعي، وهشام بن عروة والأعمش ويوسف بن أبي بردة، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق والفضل بن دكين ووكيع بن الجراح وهاشم بن القاسم. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢/ ٥١٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٢٦١)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ١٠٤ رقم ٤٠١)].
يوسف بن أبي بردة: وهو يوسف بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعري الكوفي، قال الحافظ ابن حجر: مقبول، ولكن وثقه ابن حبان [الثقات، د. ط، (٧/ ٦٣٨)] وأخرج له في الصحيح، كذا ابن خزيمة في الصحيح، ووثقه العجلي [الثقات، ط ١، (٢/ ٣٧٤)] والحاكم [المستدرك، ط ١، (١/ ٢٦١)] والذهبي [الكاشف، ط ١، (٢/ ٣٣٩)]، كما أن حديثه أشار إلى الاحتجاج به أبو حاتم الرازي، وحسَّن حديثه الترمذي، كما سيأتي بيانه في التخريج، فالأولى بمثله ألا ينزل عن رتبة راوي الحديث الحسن (الصدوق)، والعلم عند الله تعالى، روى عن، وروى عنه. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٢/ ٤١٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١١/ ٤٠٩)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦١٠ رقم ٧٨٥٧)].
أبو بردة: وهو أبو بردة بن أبى موسى الأشعري، قيل: اسمه عامر وقيل: الحارث، وقيل: اسمه كنيته، ثقة، روى عن أبيه أبي موسى الأشعري، وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة والبراء بن عازب وابن عمر وعبد الله بن عمرو وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وروى عنه ابناؤه بلال ويوسف وسعيد وعبد الله، وعمر بن عبد العزيز وأبو إسحاق السبيعي وابنه يونس. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣٣/ ٦٦)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٢/ ١٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٦٢١ رقم ٧٩٥٢)].
عائشة: أم المؤمنين، وتقدم ذكرها رضي الله عنها وأرضاها.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، خلا يوسف بن أبي بردة، فمثله لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، فهو صدوق إن شاء الله، فيكون الحديث حسنا، والعلم عند الله تعالى.

التخريج:
أخرجه أحمد في المسند (٤٢/ ١٢٤) (ح ٢٥٢٢٠) عن هاشم بن القاسم، به.
وأخرجه أبو داود في السنن (كتاب الطهارة-باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء-١/ ٨ - ح ٣٠)، عن عمرو بن محمد الناقد عن هاشم بن القاسم، به.
وتابع هاشما: مالكُ بنُ إسماعيل كما عند الترمذي في السنن (كتاب الطهارة-باب ما يقول إذا خرج من الخلاء-١/ ١٢ - ح ٧).
ويحيى بنُ أبي بكير كما عند النسائي في الكبرى (كتاب عمل اليوم والليلة- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء-٩/ ٣٥ - ح ٩٨٢٤)، وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء-١/ ١١٠ - ح ٣٠٠).
وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
وقال أبو حاتم عن هذا الحديث: «أصح حديث في هذا الباب». [ابن أبي حاتم، العلل، ط ١، (١/ ٥٤١) (٩٣)].
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح؛ فإن يوسف بن أبى بردة من ثقات آل أبي موسى، ولم نجد أحداً يطعن فيه، وقد ذكر سماعَ أبيه من عائشة رضي الله عنها». [الحاكم، المستدرك، ط ١، (١/ ٢٦١)].
وقال الدارقطني: «تفرد به يوسف، عن أبيه، عنها [أي: أم المؤمنين]، وتفرد به عنه: إسرائيل». [انظر: ابن القيسراني، أطراف الغرائب، ط ١، (٥/ ٥٤١)].
والحديث صححه النووي [الأذكار، ط ١، (ص ٦٩)]، وقال ابن حجر [نتائج الأفكار، ط ١، (١/ ٢١٤)]: «حديث حسن صحيح».
وقد ذكر ابن خزيمة في الصحيح هذا الحديث (كتاب الوضوء-باب القول عند الخروج من المتوضأ-١/ ٤٨ - ح ٩٠).
قلت: قال البيهقي: «وقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، أنا محمد بن إسحاق ابن خزيمة، ثنا أبو موسى محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن أبي بكير، فذكره بإسناده، وزاد فيه {غفرانك ربنا وإليك المصير} [البقرة:٢٨٥]، قال ابن خزيمة: وأخبرنا محمد بن أسلم، ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بهذا الإسناد مثله، قال الشيخ [أي: البيهقي]:وهذه الزيادة [يقصد زيادة: ربنا وإليك المصير] في هذا الحديث لم أجدها إلا في رواية ابن خزيمة وهو إمام، وقد رأيته في نسخة قديمة لكتاب ابن خزيمة ليس فيه هذه الزيادة، ثم ألحقت بخط آخر بحاشيته، فالأشبه أن تكون ملحقة بكتابه من غير علمه، والله أعلم. وقد أخبرنا الإمام أبو عثمان الصابوني، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: ثنا جدي، فذكره دون هذه الزيادة في الحديث، وصحبذلك بطلان هذه الزيادة في الحديث». [البيهقي، السنن الكبرى، ط ١، (١/ ١٥٦)]
قال ابن الملقن: «وَلم أرها أَنا أَيْضا فِي نُسْخَة أَصْلِيَّة مِنْهُ، فتأيَّدَ مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ». [ابن الملقن، البدر المنير، ط ١، (٢/ ٣٩٥)]
قلت: وهو بدون الزيادة في النسخة الوحيدة التي وصلت إلينا من صحيح ابن خزيمة (مخطوط أحمد الثالث، ق ١٥/ب)، كما أن الحافظ ابن حجر لم يشر إليها في إتحاف المهرة.
طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (١٧/ ٥٩٤) برقم (٢٢٨٦٣)].
«غفرانك»:قال البخاري في الصحيح (كتاب تفسير القرآن-باب آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه-٦/ ٣٣): «وَيُقَالُ: غُفْرَانَكَ: مَغْفِرَتَكَ، فَاغْفِرْ لَنَا».

الفوائد الفقهية للباب:
طلب المغفرة عند الخروج من الخلاء.
اللجوء إلي الاستغفار اعترافاً بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم.
اللجوء إلى الاستغفار بسبب هجران ذكر الله تعالي ولو لفترة يسيرة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان يذكر الله علي سائر أحواله إلا عند الحاجة
[الخطابي، معالم السنن، ط ١، (١/ ٢٢، ٢٣)، النووي، الإيجاز، ط ١، (ص ١٦٧)، الطيبي، شرح المشكاة، ط ١، (٣/ ٧٧٩)، ابن سيد الناس، النفح الشذي، ط ١، (١/ ٧٦، ٨٧)، ابن الملقن، الإعلام، ط ١، (١/ ٤٨٢: ٤٨٨)].