المحدثين من التجول في البلاد، والسفر في العالم الإسلامي، من أقصاه إلى أقصاه.
فقد روي: أن البخاري صاحب الصحيح، بدأ رحلته العلمية وهو لا يزال في الرابعة عشر من سنه، وقد زار البلدان الإسلامية: ما بين بخارى ومصر وشيوخها.
وروي عن أبي حاتم الرازي (م ٢٧٧ هـ) قال: «أول ما رحلت أقمت سبع سنين، ومشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ ثم تركت العدد، وخرجت من البحرين إلى مصر، ثم إلى الرملة ماشيًا ثم إلى طرطوس ولي عشرون سنة».
وقد سمع محدث الأندلس ابن حيون (م ٣٧٤ هـ) الحديث في الأندلس والعراق، والحجاز واليمن، وهكذا قطع قارة إفريقيا من طنجة إلى مصر، وعبر البحر الأحمر.
ومن المحدثين من سافر في قارة إفريقيا وآسيا وأوروبا في طلب الحديث وهكذا انتظمت رحلته العلمية ثلاث قارات كبرى.
وكان كثير من المحدثين يخرج من الأندلس أقصى الغرب في العالم المتمدن المعروف يومئذً ويبلغ أقصاه في الشرق إلى خراسان أو بالعكس، والمطالع في " تذكرة الحفاظ " للذهبي يدهش لطموح هؤلاء الرجال واحتمالهم المشاق في طلب العلم.