للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاكتفوا بأن اصطفوا من أخبار هؤلاء الرواة المجهولين ورواياتهم ما يوافق هواهم، ويلائم بيئتهم، وينطبق على مقاييسهم.

ثم لم يمض غير زمن يسير حتى صارت تلك الخرافات كالحقائق التاريخية المدونة في الكتب. وعلى هذا المنهج السقيم صنفت أكثر الكتب الأدبية مما يتعلق بالأمم الخوالي وشؤونها والأقوام القديمة وأخبارها، والأديان السالفة ومذاهبها ورجالها.

أما المسلمون فقد جعلوا لرواية الأخبار والسير قواعد محكمة يرجعون إليها، وأصولاً متقنة يتمسكون بها.

أولها: وأعلاها ألا تروى واقعة من الوقائع إلا عن الذي شهدها، وكلما بعد العهد على هذه الواقعة فمن الواجب تسمية من نقل خبرها عن الذي شهدها، ثم تسمية من نقل ذلك الخبر عن الذي نقلها عمن شهد، وهكذا بالتسلسل من وقت الاستشهاد بالواقعة والتحدث عنها إلى زمن وقوعها والتثبت عن أمانة هؤلاء الرواة، وفقههم وعدالتهم وحسن تحاملهم للخبر الذي يروونه ز

وإذا كانوا على خلاف ذلك، وجب تبنيه أيضًا.

وهذه المهمة من أشق الأمور، ومع ذلك فإن مئات من المحدثين تَفَرَّغُوا لَهَا، وَوَقَّفُوا أعمارهم على تحري ذلك واستقصائه وتدوينه، وطافوا لأجله البلاد، ورحلوا بين

<<  <   >  >>