للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي يَاسِينَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ الْحَسَنِ قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ فَانْصَرَفَ إِلَى ⦗١٣٠⦘ أَهْلِهِ وَقَعَدْنَا بَعْدَهُ نَتَحَدَّثُ فِي مَشْيَخَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: فَدَخَلَ بَدَوِيُّ مِنْ بَعْضِ أَعْرَابِ بَنِي سُلَيْمٍ الْمَسْجِدَ فَجَعَلَ يَسْأَلُ، مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؟ فَقُلْتُ: لَهُ اقْعُدْ فَقَعَدَ فَقُلْتُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَكَانَ لِي أَخٌ مِنْ أَشَدِّ قَوْمِهِ فَعَرَضَ لَهُ بَلَاءٌ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى شَدَدْنَاهُ فِي الْحَدِيدِ وَكُنَّا مَعَهُ فِي عَنَاءٍ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَحَدَّثُ فِي نَادِينَا إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا نَرَى أَحَدًا فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ إِنَّا جَاوَرْنَاكُمْ فَلَمْ نَرَ بِجَوَارِكُمْ بَأْسًا وَلَمْ نَرَ مِنْكُمْ إِلَّا خَيْرًا وَإِنَّ سَفِيهًا لَنَا تَعَرَّضَ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا فَأَرَدْنَاهُ عَلَى تَرْكِهِ فَأَبَى فَلَمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْتَذِرَ إِلَيْكُمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا فُلَانُ لِأَخِيهِ: انْظُرْ إِذَا كَانَ يَوْمُ كَذَا وَكَذَا فَاجْمَعْ قَوْمَكَ ثُمَّ شُدَّهُ وَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَفْلِتُكُمْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا ثُمَّ احْمِلْهُ عَلَى بَعِيرٍ فَأْتِ بِهِ وَادِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ خُذْ مِنْ بَقْلَةِ الْوَادِي قَرْصَةً ثُمَّ أَوْجِرْهُ إِيَّاهُ وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ فَمَنْ يَدُلُّنِي عَلَى هَذَا الْوَادِي وَعَلَى هَذَا الْبَقْلِ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فَإِنَّكَ تَسْمَعُ صَوْتًا أَمَامَكَ فَاتَّبِعِ الصَّوْتَ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ جَمَعْتُ قَوْمِي فَإِذَا أَخِي لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ قُوَّةً وَشِدَّةً فَلَمْ نَزَلْ نُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَوْثَقْنَاهُ ثُمَّ ⦗١٣١⦘ حَمَلْتُهُ عَلَى بَعِيرٍ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ أَمَامِي إِلَيَّ فَلَمْ نَزَلْ نَتَّبِعُ الصَّوْتَ وَهُوَ يَقُولُ إِلَيَّ فُلَانُ اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ فَلَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ أَبَدًا ثُمَّ قَالَ: اهْبِطْ هَذَا الْوَادِي، قَالَ: أَنِخْ وَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبُنَا لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ شِدَّةً وَقُوَّةً فَاسْتَوْثَقْنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا فُلَانُ، قُمْ فَخُذْ مِنْ هَذَا الْبَقْلُ فَافْعَلْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِنْ يَنْفَلِتْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَإِذَا نَحْنُ لَا نُطِيقُ صَاحِبَنَا فَجَعَلَ يُنَادِي اسْتَوْثِقُوا مِنْهُ حَتَّى أَوْثَقْنَاهُ فَلَمَّا وَقَعَ فِي جَوْفِهِ جَلَّى عَنَّا وَعَنْ نَفْسِهِ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَخِي مَا بَلَغَ مِنْ أَمْرِي حَتَّى فَعَلْتُمْ بِي هَذَا؟ قَالَ: قُلْتَ: يَا أَخِي لَا تَسْأَلْنَا قَالَ: يَا أَخِي أَخْبِرْنِي مَا الَّذِي بَلَغَ مِنْ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ: يَا أَخِي لَا تَسْأَلْنَا فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ وَأَطْلِقُوهُ مِنَ الْحَدِيدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ الَّذِيَ لَقِينَا مِنْهُ وَأَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَطْلِقُوهُ فَأَطْلَقْنَاهُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ بَعْدَمَا أَطْلَقْنَاهُ فَقَالَ: يَا أَخِي مَا كَانَ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قُلْتُ: لَا تَسْأَلْنِي قَالَ: خَلُّوا عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَحْسَنْتَ إِلَيْنَا وَلَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخْبِرْنِي بِهِ قَالَ: مَا هُوَ قُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ قُلْتَ لَنَا مَا قُلْتَ نَذَرْتُ إِنِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَافَى أَخِي أَنْ أَحُجَّ مَاشِيًا مَزْمُومًا قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هُنَا لَشَيْءٌ مَا ⦗١٣٢⦘ لَنَا بِهِ عِلْمٌ وَلَكِنْ أَدُلُّكَ اهْبِطْ هَذَا الْمَوْضِعَ مَوْضِعًا قَدْ سَمَّاهُ فَأْتِ الْبَصْرَةَ فَاسْأَلْ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا وَانْتَهِ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى بَابِ الْحَسَنِ فَاسْتَأْذَنْتُ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: هَذَا أَبُو يَاسِينَ بِالْبَابِ قَالَ: قُولِي لَهُ فَلْيَدْخُلْ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ فِي غَرْفَةٍ أَظُنُّهَا مِنْ قَصَبٍ وَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ سَرِيرٌ مَرْمُولٌ مِنْ شَرِيطٍ وَإِذَا الْحَسَنُ قَاعِدٌ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَقَالَ: يَا أَبَا يَاسِينَ إِنَّمَا عَهْدِي بِكَ مِنْ سَاعَةٍ فَمَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَعِي غَيْرِي فَأَذِنَ لَهُ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لِلْخَدَمِ: ائْذَنُوا لَهُ قَالَ: فَدَخَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ أَعِدْ حَدِيثَكَ كَمَا حَدَّثْتَنِي فَأَخَذَ فِي أَوَّلِهِ وَالْحَسَنُ مُسْتَقْبِلُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ائْتِهِ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَكَى وَاللَّهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: «أَمَّا الزِّمَامُ فَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فَلَا تُزِمَّ نَفْسَكَ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأَمَّا الْمَشْيُ فَامْشِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»

<<  <   >  >>