معلوم الوجود في الشاهد، مثل العلم *يعني في الغائب، لأنه ضد الفاعل* فإنه لما كان في الشاهد شرطًا في وجوده كان شرطًا في وجود الصانع الغائب، وأما متى كان الحكم الذي في الغائب غير معلوم الوجود في الشاهد، عند الأكثر، ولا يعلمه إلا العلماء الراسخون، فإن الشرع يزجر عن طلب معرفته، إن لم يكن بالجمهور حاجة إلى معرفته، مثل العلم بالنفس، أو يضرب له مثال من الشاهد، إن كان بالجمهور حاجة إلى معرفته في سعادتهم، وإنْ لم يكن ذلك المثال هو نفس الأمر المقصود تفهيمه، مثل كثير مما جاء من أحوال المعاد، والشبهة الواقعة في نفي الجهة عند الذين نفوها، ليس يتفطن الجمهور لها، لا سيما إذا لم يصرح لهم بأنه ليس بجسم، فيجب أن يمتثل في هذا كله فعل الشرع، وأن لا يتأول، ما لم يصرح الشرع بتأويله، والناس في هذه الأشياء في الشرع على ثلاث رتب: صنف لا يشعرون بالشكوك العارضة في هذا المعنى، وخاصةً متى تركت هذه الأشياء على ظاهرها في الشرع، وهؤلاء هم الأكثرون وهم الجمهور، وصنف عرفوا حقيقة هذه الأشياء وهم العلماء الراسخون في العلم، وهؤلاء هم الأقل من الناس، وصنف عرضت لهم في هذه الأشياء شكوك،ولم يقدروا على حلها،