يحصل العلم بأنه ليس مماثلاً للخلق بل مخالف له قبل العلم بأنه مباين للعالم ممتاز عنه منفرد عنه فإن باب الكيف غير باب الكم وباب الصفة غير باب القدر وإذا كانت المباينة بالقدر والجهة تعلم دون هذه علم أنها أيضًا ثابتة وإن كانت تلك أيضًا ثابتة وأنه مباين للخلق بالوجهين جميعًا بل المباينة بالجهة والقدر أكمل فإنها تكون لما يقوم بنفسه كما تكون له المباينة بالصفة والكيفية وأما المباينة بمجرد الصفة والكيفية فلا تكون إلا بما يقوم بغيره لأن عدم قيامه بنفسه يمنع أن يكون له قدر وحيز وجهة على سبيل الاستقلال ومن ها هنا يتبين لنا الوجه الخامس والثلاثون وهو أن المعلوم أن مباينة الله لخلقه أعظم من مباينة بعض الخلق بعضًا سواء في ذلك مباينة الأجسام بعضها لبعض والأعراض بعضها لبعض ومباينة الأجسام للأعراض ثم الأجسام والأعراض تتباين مع تماثلها بأحياز وجهاتها المستلزمة لتباين أعيانها وتتباين مع اختلافها أيضًا بتباين أحيازها وجهاتها مع اختلافها كالجسمين