١١ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ وَحْشِيًّا لَمَّا قَتَلَ حَمْزَةَ مَكَثَ زَمَانًا، ثُمَّ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامُ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامُ، وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَقُولُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {٦٨} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: ٦٨-٦٩] ، فَإِنِّي قَدْ فَعَلْتُهُنَّ جَمِيعًا، فَهَلْ لِي رُخْصَةٌ؟ قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ لَهُ: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠] ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَلَمَّا قُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ وَحْشِيٌّ: إِنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ شُرُوطًا، وَأَخْشَى أَنْ لَا آتِيَ بِهَا، وَلَا أُحَقِّقُ أَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا أَمْ لَا، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] ، قَالَ: فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى وَحْشِيٍّ، فَلَمَّا قُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: أَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَنَعَمْ.
ثُمَّ أَسْلَمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَأْذَنْ لِي فِي لِقَائِكَ، فَأْرَسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ وَارِ عَنْ وَجْهِكَ، فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْ قَاتِلِ حَمْزَةَ عَمِّي، قَالَ: فَسَكَتَ وَحْشِيٌّ، حَتَّى كَتَبَ مُسَيْلِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَرْضِ، فَلِي نِصْفُ الْأَرْضِ وَلِقُرَيْشٍ نِصْفُهَا، غَيْرَ أَنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ، قَالَ: فَقَدِمَ بِكِتَابِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ، فَلَمَّا قُرِئَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابُ قَالَ لِلرَّسُولَيْنِ: " لَوْلَا أَنَّكُمَا رَسُولَانِ لَقَتَلْتُكُمَا، ثُمَّ دَعَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨] ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ مَا كَتَبَ مُسَيْلِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَ الذِّرَاعَ فَصَقَلَهُ، وَهَمَّ بِقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى عَزْمِ ذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute