ذلك الرجل شاكي السلاح كامل الأدوات، وأن الأسد المستعار له مطلق أسد، فلا مبالغة في هذه الاستعارة؛ لأن الرجل الضعيف إذا كان كامل السلاح وأدوات القتال قد يغلب الرجل القوي الذي ليس كذلك، وإنما الفضيلة في ذلك السلاح لا لنفس الرجل الضعيف.
فظهرت أبلغية المرشحة، وعدم بلاغة المجردة، وتوسط المطلقة بينهما.
واعلم أن الترشيح والتجريد المذكورين لا يعتبر واحد منهما إلا بعد كمال الاستعارة بوجود قرينتها.
قال مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه وغفر له: هذا التقسيم الذي ذكره علماء البلاغة في انقسام الاستعارة إلى مرشحة، ومطلقة، ومجردة، يَرِدُ عليه إشكالٌ بعدم كمال الأقسام لوجود قسم رابع بالتقسيم الصحيح، لأنك تقول باعتبار هذا التقسيم: لا يخلو المقام من واحدة من أربع: إما أن يذكر ملائم للمشبه به فقط، أو ملائم للمشبه فقط، وإما أن لا يذكر ملائم لواحد منهما، وإما أن يذكر لكل واحد منهما ملائم، كما في قول زهير:
لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذَّفٍ ... له لِبَدٌ أظفاره لم تُقَلَّمِ
فإن قوله:"شاكي السلاح" من ملائم المشبه الذي هو الرجل الشجاع، وقوله "له لبد أظفاره لم تقلم" من ملائم المشبه به الذي هو الأسد.
فهذا القسم الأخير موجود بالتقسيم الصحيح، فكيف يقسمونها