١٠٩ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا". رواه مسلم. زاد الحاكم. "فإنه أنشط للعود".
قوله:"إذا أتى أحدكم أهله" أي: جامعها، فكنى بالإتيان عن الجماع من باب البعد عن التلفظ بما يستحيا منه، وقد عبر القرآن عن الجماع باللمس وبالدخول، فقال:{أو لمستم النساء}[المائدة: ٦]. وقال:{التي دخلتهم بهن}[النساء: ٢٣]. أي: جامعتموهن، وقال:{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن}[البقرة: ٢٣٦]. وقوله:"أهله" زوجته أو زوجه، زوجته لغة الفرضيين، وهي ضعيفة من حيث الكلام العربي، أما الكلام الفصيح فهو بالتذكير سواء كان وصفا للذكر أو للأنثى.
وقوله:"ثم أراد أن يعود"؛ يعني: يجامع مرة أخرى، "فليتوضأ بينهما وضوءا". ووالوضوء معروف لكن الغسل أفضل، وظاهر الحديث أنه لا يغسل فرجه، ولكن غسل الفرج من باب أولى أيون مطلوبا من الوضوء، ورواية الحاكم:"فإنه أنشط للعود" يعني: أقوى للجماع مرة ثانية؛ لأن البدن يكتسب بهذا الوضوء نشاطا وحيوية يكون بذلك أنشط، ويأتي أهله المرة الثانية وهو نشيط؛ وهو إذا أتى أهله نشيطا صار تضرره بالجماع أقل، ولذلك قال العلماء: لا ينبغي للإنسان أن يكره نفسه على الجماع.
في هذا الحديث فوائد منها: الكناية عما لا ينبغي ذكره باسمه الخاص بما يدل عليه؛ لقوله:"إذا أتى أحدكم أهله".
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد صرح بلفظ الجماع في حديث ماعز لما أقر على نفسه بالزنا، قال له الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "أنكتها؟ " لا يكني؟
قلنا: بلى، لكن مقام الحدود يجب فيه التثبت حتى لا يظن المقر أن المباشرة والتقبيل زنا، فلذلك صرح النبي - عليه الصلاة والسلام- باسم الجماع الخاص زيادة في التثبت.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الزوجة تسمى أهلا، وهاذ شيء مستفيض ولا يحتاج إلى إقامة برهان او استشهاد بشاهد، ويبنى على ذلك أن قول الله - تبارك وتعالى- لنساء النبي:{وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجهلية الأولى وأقمن الصلوة واءتين الزكوة وأطعن الله ورسوله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب: ٣٣]. فمن يدخل في آل البيت أزواجه بلا شك مثل الشمس؛ لأن السياق في أزواجه، ولو أن أحدا قال: إنه لا يدخل أقاربه في هذا لكان له حجة؛ لأن السياق يعين المراد، لكن الرافضة عكسوا القضية وقالوا: المراد