للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عروشها ويغمر بالسلام والصحة ربوعها)

ثم يقف الدكتور كمال رحيمة فيرفع صوت سورية العربية المجاهدة العاملة بقصيدة عصماء برهنت على أن حرفة الأدب تتسلل دائماً إلى كل مهنة في سورية

ثم وقف الجارم يرسل قلبه في صوته المعهود الذي يخيل إلي أنه كله هاء عميقة. . . من فرط الشجو وإثارة النفس واستحضار المعاني الكامنة التي لا تظهر وتستعلن إلا إذا تلا لها ساحر رقية. . . أو عزف لها عازف برَنَّة. . . أو شدا لها شاد بحنة. . . أو خيل لها مخيل بريشة. . .

وقف يقلب وجهه في السماء والأرض والجهات الأربع في قلق وغيبوبة شاعر. . . ويمسح على أبصار الجمع بحركاته ويرسل نشيده، فيخيل إلينا من سحره أن كلماته أجسام تسعى. . . أو أمواج تطغى على قلوبنا فتملؤها بالذكرى الحادة، ثم بالفخر النافخ، ثم بالضحك المرسل؛ ثم بالعزم الممرِّس الدافع، ثم بالأمل القريب، فيخرج الدكتور زكي مبارك - طبيب ليلى المريضة بالعراق - عن طوره وعن حدود وقار الحفل فيستعيد ويطلب المزيد وبخاصة إذا جاء بيت فيه ذكر (الحسان) ووعود الحسان

ثم ينتهي الحلم السعيد بجوه الروحي وقلوبنا راقصة وأكفنا دامية؛ ويقبل الأدباء والأطباء على الجارم يطلبون منه ثمن دواء للأكف المتسلخة والقلوب الجريحة. . . ويقبل (طبيب ليلى) فيطبع على خدي الجارم بك قبلتين ذواتي رنين أدار الأبصار إلى مصدر ضجتهما. . . ثم ينقلب يفخر عليّ بأنه نال بهما ما لم أنل. . . ثم يرتد إلى الجارم بك يبشره بأنه من أول الداخلين إلى الجنة جزاء خدماته بشعره للغة القرآن. . . ولله في الدكتور زكي شؤون!

وكنت أرقب خلسة وجهي طبيبين أوربيين أخذا مجلسهما بجانبي، يستمعان في غير فهم إلى ما يقال، ويريان صداه صفق كف بكف وتلاقي هتاف بهتاف فاعرف ما يقول قلباهما الفقيران جداً إلى الشعور بمثل هذه الأخوة الملموسة المعلنة بين أبناء الشرق الإسلامي. . .

هنا الأخوة من غير دم. . . والواشجة من غير نسب. . . والحب من غير غرض. . . والتفدية من غير ثمن. . . والتلاقي من غير رياء. . . والكلام من غير خبئ يا أوربا!

هنا التاريخ لا يزال واحداً في العقول والقلوب واللسنة والأهداف حتى في وحدة الأمراض! كما يقول الدكتور شوكة الزهاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>