ليَ من هيكلِ الجمالِ المعاني ... ولغيْرِي ألفاظُهُ والقشور!
وطَنُ العُرْبِ جَنَّةٌ و (دِمَشقٌ) ... رَفْرَف أقدسُ المَطَافِ طَهُورُ
شَرِقَتْ بالرُّؤى مَسارِحُها الخضْ ... رُ وَرَوَّى نعيمَهُنَّ السرور
رُبَّ نادٍ تَخِذْتُهُ في الروابي ... أقرأُ الحسنَ ثم وَهْوَ سُطُورُ
فعلى (الغوطَتَيْن) والشمس تبدو ... وعلى (النَّيْرَبَيْنِ) وهْيَ تغور
فإذا (جِلِّقٌ) رياضاً ودوراً ... كالمصابيح حَفَّها الديْجُورُ
عالم من زَبَرْجَدٍ طافَ بالدُّ ... رِّ وأَذْكاه بالرُّواءِ النور
ساحِرُ المجتَلى أطلَّ عليهِ ... (قاسيون) كأنه مذعورُ
يغْرَقُ الحِسُّ في سنَاهُ ويفنى ... في تهاويل سحرِهِ التفكيرُ
أنا إِن أَنْسَ لستُ أنسى لياليَّ (م) ... إِذِ البدر ضاحكٌ والثغورُ
وكأنَّ الأكوانَ في دافق النُّو ... رِ بَحُورٌ قد أغرقتْها بُحورُ!
يمرَحُ القلبُ في سناها كما يَمْ ... رَحُ في الماءِ سابحاً عُصْفورُ
قد تَفَرَّدْنَ بالصَّباحَةِ لولا ... وَجَنَاتٌ نازَعْنَها ونُحُور!
حبّذا (الشامُ): ماؤها وهواها ... وَمَسارِي أنهارها والقُصورُ
وميادين حُسْنِها وهْيَ شتَّى ... وَمَغاني اللذاتِ وهْيَ كثيرُ
جادَهَا الغَيْثُ من معاهدَ لا اللُّط ... فُ عداها ولا النعيمُ الوفيرُ
محسنات الأوقات حتى ضُحاها ... وشَّحَتْهُ بلطفهِنَّ البُكُور
وبنفسي هَدِيرُ أنهارِها السب ... عةِ دوَّامةً عليها الطيور
تتلوّى كالأَيْنِ ريعَ وتَهْتَ ... زُّ ارتعاشاً وترتمي وتمُور
وَهْيَ آناً في السهل تعدو وآناً ... في الروابي المُسَلْسَلاَتِ تُغيرُ
تَغْمُرُ (الغُوطَتيْنِ) بشراً وَزهْواً ... مثلما يغمُرُ النفوسَ الحبُورُ
وغَدَتْ فوْقَهَاَ الطيورُ تَغَنَّي ... ربما يُطرِب الطيورَ الخرِيرُ
عِشقَتْ لَحْنَهَا، وللطيرِ لَحْنٌ ... يُسْكِرُ السمعَ جَرْسُهُ المخمورُ
حَيث تغدو يلهيك منها سَمَاعٌ ... ومن الروض مونِقٌ منْضُور
عُرُسٌ قام للطبيعة فيها ... يستخِفُّ الإنسانَ وَهْوَ وَقُور