فَهَّللن بين خَميلٍ وأَيْكِ
وهَفْهفْنَ مِثلي حَناناً إليكِ
وكِدْن يقبِّلن طُهراً يديْكِ
ويَسجدْنَ حَولكِ فوق الرُّبى ... وتخشعُ لِلحبِّ هامُ الغصون!
وقلتِ: هنا النهرُ! قلتُ: اصمُتي ... هُنا الله يَرعَى هوانا الأمينْ
هنا قَدَرٌ في الضُّحى نائمٌ ... أساريرُهُ طَلْسمتها القرونْ
يسمونه (النيل)! وهْوَ الذي ... يُنيل ويشفى صدى الظِامئينْ
سقَى الدهر من جامه فارتْوى ... ورَوّى بِخَمرتِهِ الملْهَمينْ
فَغنَّى بِأسرِارِه الشَّاعِرُ
وكبَّر في شطِّهِ الكافرُ
وخَرَّّ لَهُ السحرُ والساحرُ
وَلَمَّا تهادَتْ عَليهِ الصَّبا ... تَصابَى فحَيَّا خُطا العاشقين!
أَتَيناهُ والصُّبحُ طِفلٌ غَريرٌ ... تهدهدُهُ سَكرةُ الحالمين
طَهورُ الْمسارِبِ ما لَوَّثتْ ... خُطا شَمسهِ قَدمُ العابِرِينْ
سِوَى بائِسينَ إلى قُوتِهم ... تَنادوْا: سَلامٌ على البائِسين
أفاقوا مَعَ الفجرِ فوق الثَّرَى ... حَيارَى على أرضهم مُتعبينْ
وصيَّاد رزْقٍ على الشاطِئْينْ
مِنَ اليأسِ قَلَّب نار اليدَينْ
وفي وَجههِ مِنْ كلالٍ وأَينْ
بَقايا مِنَ الَّليلِ يَمْشي بها ... إلَى كوخِهِ في شعاب الأنين!
وَنجْوَى يَمامِيَّةٌ في العشاشِ ... تَحجَّبُ إلاَّ عَنِ المغرَمِينْ
فَهِمنا لُغاهَا وأَسرارها ... فهمنا بها في الضُّحى حَائِرين
وفي ظِلِّنا لِلهْوى رِعشةٌ ... وقَفْتِ على طيفها تسألينْ
وصدْركِ يَهتَزُّ تَحت السَّنا ... كأُنشودةٍ في أكفِّ الحنينْ
شجاها التَّغنِّي فهزّتْ لنا