أيتها الأيام السعيدة الهاربة من عمل الدنيا ببراءتها من الشقاء،
أيتها الأيام الصغيرة المتلألئة في ظلام الزمن بأفراح السعادة،
أيتها الأيام الذاهلة عن معاني الآلام!
أنت هكذا أبداً، وهكذا أبداً تعودين. . .
ولكن هل تستطيعين أن تمنحي الناس جميعاً بعض سعادتك وأفراحك ولذاتك البريئة؟
هل تستطيعين أن تمنحي العقول المتغضّنة من الهم والكبَر أفكاراً غضّة ناعمة كأحلام
العذارى؟
الحرب
كانت أيام العيد هدنة سكنت فيها الأخبار المحاربة بمعانيها في أذهان الناس وعواطفهم؛ وانقطعت الصحف الأخبارية أياماً عن الظهور، فانقطع أكثر الحديث عن الحرب المخيفة بأوهامها قبل حقائقها، وهدأ الناس
أذكرتني هذه الأيام المسالمة بتأثير الحرب في الأدب، وحملت إليّ صوراً كثيرة مما قرأت في الصحف والمجلات الأدبية، ولا أدري، فيخيل إلي أن المجلات الأدبية منذ بدأت الحرب إلى اليوم قد أفرغت كثيراً من صفحاتها للحرب، وشرحت صدرها لكثير مما يتعلق بها، ومع ذلك لا أكاد أجد إلا القليل من هذه الأحاديث يصلح أن يكون من أغراض المجلات الأدبية، وإنما هو بأغراض الصحف اليومية الإخبارية أليق والصق. ومن الوهم المتفشي أن يدّعي مدع أن اثر الحرب لا بد أن يكون كذلك، وأن مثل هذه الأحاديث هي سمة الحرب على أدب الأدباء، فإن أثرها في فكر العامة لا يكاد يخرج عن مثل ذلك. أما أثرها على الأدباء فهو اشد تغلغلاً في طوايا النفس، وأشد هزاً لعواطف الإنسانية. فإذا أقررنا أن الحرب إنما تتدافع في صدور الأدباء والشعراء ورجال الفن لتكون كالتيار الذي يتدافع بالبحر فينشئ له الأمواج المتصارعة المتدفقة مخافة أن يركد فيأسن، لم نجد بدّاً من اعتبارها كالمدد للمعاني الخائفة التي تنزوي في كهوف النفس الإنسانية السامية الطامحة، تجرؤها وتذمرها وتؤلبها من هنا وهنا لتتعارف وتتساند وتندفع إلى غمارها مجدة إلى