للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بين عهدين]

للأديب فؤاد بليبل

يا زَمانَ الهوَى وعهدَ الوِصالِ ... مَنْ مُعِيدٌ تلكَ الليالي الْخَوالي

حينَ كانَ الفُؤَادُ حُرَّا طَليقاً ... نَاعِمَ البالِ خاليَ الْبِلْبِالِ

طاَئِرهٌ وكْرُهُ على كلِّ غُصْنِ ... وَهَوَاهُ مِل الرُّبى والتِّلال

غَيْرُ وَقْفٍ عَلَى غَرامِ وحِيدٍ ... أوْ أليفٍ فرْدٍ وَحُبٍّ حَلاَل

أوْ مِثالٍ مِنَ الجمالِ فَريدٍ ... فَلَهُ في الجمالِ ألفُ مِثال

شاِعرٌ هامَ بالمحاسِنِ حتى ... باتَ في الوَجْدِ مَضْرِبَ الأمثال

يَنْشَدَ الحُسْنَ حَيْثُ لاحَ لِعَيْنَي ... هِ أفي البِيدِ أو أعالي بالْجِبال

يتصدَّى لهُ ولو صِنَ بالبِي ... ضِ سناهُ وَحُفْ بالأهوال

يتصدَّى لهُ على كلِّ صَدْرٍ ... كاعِب النهدِ غيْر سَهْلِ المنال

وعلى كلِّ مَبْسِم يَشتهيهِ ... أوْ قَوامٍ مُرَنَّحٍ مَيَّال

سابحٌ في الفضاء يَمْرَحُ زَهْواً ... بين حلٍٍّ على الهوى وارتحال

يتغنَّى على الأراكِ طَرُوباً ... مَرِحَ النَّفْسِ مُطمَئِنَّ البال

هَمُّهُ في الْحَيَاةِ أن يَطْرَحَ اله ... مَّ بعيداً لِعابدي الأموال

مُسْتَخِفَّا بالْعَيْشِ جدَّ قَنُوعٍ ... فَهْوَ في عُسْرِهْ سَعيدُ الحال

يَشْتَكِي الفَقْرَ والكَفَافَ سِواهُ ... وَهْوَ بالفقرِ والكَفَافِ يُغالي

تمْلِكُ الأُفْقَ والنُّجُومَ يَداهُ ... فلِماَذا يَشْكُو مِنَ الإقلال؟

كلُّ ما في الوُجودِ يَدْعُوهُ لِلْصَفْ ... وِ وَيَحْدُو على الهوى والوصال

فَجَمالُ الرَّبيعِ والزّهْوُ والدفْ ... ءُ وسِحْرُ الأسْحَارِ والآصال

وخريرُ الغُدْرِانِ وَهْيَ شَوَادٍ ... واعْتناقُ الأدْوَاحِ والأدْغال

كلُّ ما في الوُجُودِ مِلْكُ يَدَيْهِ ... مِنْ جَمَالٍ وَرِقَّةٍ وَكَمَال

فَلِمَنْ هذه النُّجومُ الدَّراري؟ ... وَلِمَنْ تِلْكُمُ الشُّمُوسُ اللآلي؟

وَلِمَنْ هذه الوِهادُ الزّواهي؟ ... وَلِمَنْ تِلْكُمُ الجبالُ العَوَالي؟

وَلِمَنْ هذه السَّواقي السَّواقي ... دافِقَاتٍ بالسَّائغ السَّلسال؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>