بالوقوف. ولا يتحرك لمن دونه مقاماً. ويقدم رب الدار إلى الرفيع القدر وإلى أقرانه غالبا أفضل مكان في ركن من الديوان على يمين من يواجه (صدر) الغرفة أي طرفها الأعلى، ويعتبر المجلس الممتد بطول (الصدر) أكثر إجلالاً من المجلسين الممتدين على الجانبين، ويسمي كل منهما (جنببا)، ولا يجلس من هم دون رب الدار في الصدر أبداً إلا إذا دعاهم إلى ذلك. وكثيراً ما يرفضون هذا الشرف. ويجلس أقران رب الدار واضعين رجلاً على رجل، أو رافعين ركبتهم ومستندين على المساند. وكثيراً ما يجلس من دونه بادئ الأمر على الأقل، على أعقابهم أو على حافة الديوان أو على الحصير أو البساط إذا كان فرق المكانة بينهما كبيراً. وتقتضي دقة الآداب ألا يظهر الزائر يديه عند دخول الغرفة أو عند الجلوس، ويجب أن يسبل كميه عليهما، وألا يمد رجليه عندما يجلس على الديوان، وألا يترك قدميه مكشوفتين، ولكن هذه القواعد لا تراعى إلا في منازل العظماء. وتردد التهاني والتحيات بعد السلام وعلى الأخص عبارتا (طيبين) و (إيش حالكم) مرات عديدة أثناء المحادثة.
وقد يقوم أحياناً خادم الزائر نفسه بتقديم الشبك، فيخرج السيد كيس التبغ من عبه ويناوله الخادم الذي يملأ الشبك منه ثم يطويه ويعيده بعد ذلك أو عند انتهاء الزيارة. وفي غير هذه الحالة يقدم خادم المضيف شبكا إلى الزائر وآخر إلى سيده ثم يتناول القهوة لأن التدخين بدون قهوة الطعام بلا ملح، كما يقول الغرب. ويحيي الزائر رب الدار عندما يتناول الشبك والقهوة بالتمنية فيردها الأخير إليه، وكذلك الأمر عندما يعيد الفنجان إلى الخادم، كما أن رب الدار يحيي ضيفه بالطريقة نفسها إذا لم يكن الفرق بينهما كبيراً. وكثيراً ما يلبث الخدم في الغرفة مدة الزيارة واقفين باحترام عند طرفي الغرفة الأسفل ضامين اليدين (اليسرى في اليمنى) فوق الحزام، وينادي على الخدم عادة بالتصفيق بأصابع اليمنى على راحة اليسرى، ويسمع صوت التصفيق في المنزل لأن النوافذ من الخشب المشبك. ويدور الحديث على الأخبار اليومية وحال التجارة وأسعار المؤن، والدين والعلوم أحياناً، وتروي الحكايات الفكاهية. ويحدث كثيراً أن تسرد القصص والأمثال البذيئة في غير المجتمعات. وقلما يتحدث الناس في المجتمعات الطيبة عن نسائهم، ولكن كثيراً ما يفعل ذلك الأصدقاء الخلص ومن لا يراعي دقة قواعد الأدب بطريقة لا تكون لطيفة دائماً. ويستفسر المهذبون