وأخرنا، ولنتقبلها بمعنى ألا نطمع فيما في يد غيرنا، أما بمعنى الرضا بالقليل فيجب أن نذهب بها إلى قبرْ لا تخرج منه لترى ضوء الحياة، ولنقبل على أدب الطموح وأدب الآمال الذي يسمو بنا عن الرضا بالقليل نناله من غير أن نبذل عناء في نيله ولا تعباً، - ولنكرر دائماً مثل قول الشاعر:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجدّ المؤثل أمثالي
وقول الآخر:
ذريني للغنى أسعى فأني ... رأيت الناس شرهم الفقير
وأضيعهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير
يحقره الندىُّ وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير
ويلقى ذو الغني وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير
قليل ذنبه، والذنب جم ... ولكن للغنى رب غفور
وقول الآخر.
من الناس من يرضى بميسور عيشه ... ومركوبه رجلاه والثوب جلده
ولكنّ قلباً بين جنبيّ ماله ... مدى ينتهي بي في مراد أحده
وقول غيره:
يا شباب الغد وابناي الفدا ... لكمو، أكرم وأنعم بالفداء
لا تقولوا حطنا الدهر، فما ... هو إلا من خيال الشعراء
واطلبوا المجد على الأرض فان ... هي ضاقت فاطلبوه في السماء
وإني مع شوقي يوم قال واصفاً شباب مصر:
شباب قُنَّع لا خير فيهم ... وبورك في الشباب الطامحينا
ولكنه من الواجب ألا نلقي العبء كله على الشباب، بل هو ملقى على التربية والآداب، فالأدب الشعبي الدارج مليء بالقناعة والأدب المدرسي مثله.
(يتبع)
أحمد أحمد بدوي