للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ينفذ إلى غرفتي التعسة من ثقب صغير مدى ساعة ونصف في كل يوم، فلا أستطيع القراءة إلا في هذه الفترة؛ أما باقي النهار والليل فكنت أمكث صابراً في الظلام، لا يفارقني التفكير في الله وفي ضعفنا الإنساني. وكنت على يقين من أنه لن تمضي أيام قلائل حتى أقضي نحبي في هذا المكان وفي هذه الظروف. بيد أنني كنت أروح عن نفسي ما استطعت ذاكرا أن الموت بضربة من سيف الجلاد أشنع من ذلك وأفظع، هذا بينما أستطيع الموت هنا هادئاً كأنني في غفوة النوم. وشعرت شيئاً فشيئاً أن لهب حياتي يخبو، حتى اعتاد جسمي البديع على ذلك الانحلال، وحتى شعرت أنه اطمأن إلى تلك الظروف التعسة؛ واعتزمت أن أحتمل آلامي المروعة في سكينة وجلد ما بقي لي شيء من قوة الاحتمال). وكان ذلك لعام ونصف من اعتقاله الأول، أعني في منتصف سنة ١٥٣٩.

(الخاتمة تأتي)

محمد عبد الله عنان المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>